الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَرَأَيْتَ ٱلنَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفْوَاجاً }

قوله: { يَدْخُلُونَ } إمَّا حالٌ إنْ كان " رَأَيْتَ " بَصَريةً وفي عبارة الزمخشري: " إنْ كانَتْ بمعنى أبَصَرْتَ أو عَرَفْتَ " وناقشه الشيخُ: بأنَّ رَأَيْتَ لا يُعْرَفُ كونُها بمعنى عَرَفْتَ. قال: " فيَحْتاج في ذلك إلى استثباتٍ. وإمَّا مفعولٌ ثانٍ إن كانت بمعنىٰ عَلِمْتَ المتعدية لاثنين. وهذه قراءةُ العامَّةِ أعني: يَدْخُلون مبنياً للفاعل. وابن كثير في روايةٍ " يُدْخَلون " مبنياً للمفعول و " في دين " ظرفٌ مجازيٌّ، وهو مجازٌ فصيحٌ بليغٌ هنا.

قوله: { أَفْوَاجاً } حالٌ مِنْ فاعل " يَدْخُلون " قال مكي: " وقياسُه أفْوُج. إلاَّ أنَّ الضمةَ تُسْتثقلُ في الواوِ، فشَبَّهوا فَعْلاً يعني بالسكون بفَعَل يعني بالفتح، فجمعوه جَمْعَه " انتهى. أي: إنَّ فَعْلاً بالسكون قياسُه أَفْعُل كفَلْس وأَفْلُس، إلاَّ أنه اسْتُثْقِلت الضمةُ على الواو فجمعوه جَمْعَ فَعَل بالتحريكِ نحو: جَمَل وأَجْمال؛ لأنَّ فَعْلاً بالسُّكون على أَفْعال ليس بقياسٍ إذا كان فَعْلٌ صحيحاً نحو: فَرْخ وأفراخ، وزَنْد وأزناد، ووردَتْ منه ألفاظٌ كثيرةٌ، ومع ذلك فلم يَقيسوه، وقد قال الحوفيُّ شيئاً مِنْ هذا.

قوله: { بِحَمْدِ رَبِّكَ } حالٌ، أي: مُلْتبساً بحمده، وتقدَّم تحقيقُ هذا في البقرة عند قوله:وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ } [البقرة: 30].