الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ }

قال الله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ } أخرجا في الصحيحين من حديث عائشة قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب العسل والحلواء، وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه فيدنو من إحداهن، فدخل على حفصة بنت عمر فاحتبس أكثر مما كان يحتبس، فغِرْتُ، فسألت عن ذلك، قيل لي: أهدت لها امرأة من قومها عُكَّةَ عسل، فَسَقَتِ النبي صلى الله عليه وسلم منه شربةً، فقلت: أما والله لنحتالنّ له ".

وفي رواية أخرى: قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمكث عند زينب بنت جحش فيشرب عندها عسلاً، قالت: فتواصينا أنا وحفصة [أنّ] أيّتنا دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلتقل: إني أجد منك ريح مغافير، أكلت مغافير، فدخل على إحداهما فقالت له ذلك، فقال: بل شربت عسلاً عند زينب بنت جحش، ولن أعود له، وقد حلفتُ لا تخبري بذلك أحداً، فنزل: { لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ } ".

وهذا هو الأشبه؛ لأن عائشة وحفصة كانتا متظاهرتين.

وقال ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وعطاء والشعبي وعامة المفسرين في سبب نزولها: " أن حفصة ذهبت إلى أبيها تتحدث عنده، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى مارية فظلّت معه في بيت حفصة، وكان اليوم الذي يأتي فيه عائشة، فرجعت حفصة [فوجدتها] في بيتها، فغارت غيرةً شديدة، فلما خرجت دخلت حفصة فقالت: قد رأيتُ من كان عندكَ وقد سُؤتني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والله لأرضينّك، وإني مُسِرٌ إليكِ سِرّاً فاحفظيه، قالت: وما هو؟ قال: إني أُشهدك أن سريتي هذه عليّ حرام رضًى لك.

فانطلقت حفصة إلى عائشة فقالت لها: أبشري، إن النبي صلى الله عليه وسلم قد حرّم عليه فتاته، فنزلت هذه الآية ".

وقال الضحاك: قال لحفصة: لا تذكري لعائشة ما رأيت، فذكرته فغضبت عائشة، ولم تزل بنبي الله حتى حلف أن لا يقربها، فنزلت هذه الآية.

قال المفسرون: وآلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك أن لا يدخل على نسائه شهراً، وطلّق حفصة بنت عمر، فقال عمر: لو كان في آل الخطاب خير لما طلقكِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم وقال: راجعها، فإنها صوّامة قوّامة، وإنها لمن نسائك في الجنة.

والمعنى: لم تحرم ما أحل الله لك من ملك اليمين، أو من العسل.

{ تَبْتَغِي } إما تفسير لـ " تُحرِّم " ، أو حال، أو استئناف.

{ قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ } أي: شرع لكم { تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } تحليلها بالكفارة.

قال الحسن وقتادة والشعبي: حلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يميناً حرّمها بها، فعوتب بالتحريم، وأُمر بكفارة اليمين.

السابقالتالي
2