الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَقَالُوۤاْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً } * { يَهْدِيۤ إِلَى ٱلرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً } * { وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً }

{ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ ٱلْجِنِّ } وكانوا تسعة من جن نصيبين. وقيل: سبعة، استمعوا قراءة النبي صلى الله عليه وسلم ذكرنا خبرهم في سورة الأحقاف { فَقَالُوۤاْ } ، لما رجعوا إلى قومهم: { إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَانَاً عجباً } ، قال ابن عباس: بليغاً، أي قرآناً ذا عجب يُعجَبُ منه لبلاغته. { يَهْدِىۤ إِلَى ٱلرُّشْدِ } ، يدعو إلى الصواب من التوحيد والإيمان، { فَـآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً }. { وَأَنَّهُ تَعَـٰلَىٰ جَدُّ رَبِّنَا } ، قرأ أهل الشام والكوفة غير أبي بكر عن عاصم: { وَأَنَّهُ تَعَـٰلَىٰ } بفتح الهمزة وكذلك ما بعده إلى قوله: { وَأَنَّا مِنَّا ٱلْمُسْلِمُونَ } ، وقرأ الآخرون بكسرهن وفتح أبو جعفر منها " وأنه " وهو ما كان مردوداً إلى الوحي، وكسر ما كان حكاية عن الجن. والاختيار كسر الكل لأنه من قول الجن لقومهم، فهو معطوف على قوله: { فَقَالُوۤاْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَانَاً عَجَباً } ، وقالوا: { وَأَنَّهُ تَعَـٰلَىٰ }. ومن فتح ردَّه على قوله: " فَـآمَنَّا به " وآمنا بكل ذلك ففتح " أنّ " لوقوع الإيمان عليه. { جَدُّ ربِّنا } ، جلال ربنا وعظمته، قاله مجاهد وعكرمة وقتادة. يقال: جَدّ الرجلُ أي: عَظُمَ، ومنه قول أنس: كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جَدّ فينا، أي: عظم قدره. وقال السدي: " جَدُّ ربِّنا " أي أمر ربنا: وقال الحسن: غنى ربنا. ومنه قيل للجد: حظ، ورجل مجدود. وقال ابن عباس: قدرة ربنا. قال الضحاك: فعله. وقال القرظي: آلاؤه ونعماؤه على خلقه. وقال الأخفش: علا ملك ربنا. { مَا ٱتَّخَذَ صَـٰحِبَةً وَلاَ وَلَدا } ، قيل: تعالى جل جلاله وعظمته عن أن يتخذ صاحبةً أو ولداً.