الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلضُّحَىٰ } * { وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ } * { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ }

أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا الأسود بن قيس قال: سمعت جندب ابن سفيان قال: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلتين أو ثلاثاً فجاءت امرأة فقالت: يا محمد إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاث، فأنزل الله عزّ وجلّ: { وَٱلضُّحَىٰ * وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ }. وقيل: إن المرأة التي قالت ذلك أم جميل امرأة أبي لهب. وقال المفسرون: سألت اليهودُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذي القرنين وأصحاب الكهف وعن الروح؟ فقال: سأخبركم غداً ولم يقل: إن شاء الله، فاحتبس عنه الوحي. وقال زيد بن أسلم: كان سبب احتباس جبريل عليه السلام عنه كون جَرْوٍ في بيته، فلما نزل عاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبطائه، فقال: إنا لا ندخل بيتاً فيه كلب أو صورة. واختلفوا في مدة احتباس الوحي عنه، فقال ابن جريج: اثنا عشر يوماً. وقال ابن عباس: خمسة عشر يوماً. وقال مقاتل: أربعون يوماً. قالوا: فقال المشركون: إن محمداً ودّعه ربه وقلاه، فأنزل الله تعالى هذه السورة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " " يا جبريل ما جئت حتى اشتقت إليك " ، فقال جبريل: " إني كنت أشد شوقاً إليك، ولكني عبد مأمور " ، فأنزل: { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ } [مريم: 64] ". قوله عزّ وجلّ: { وَٱلضُّحَىٰ } ، أقسم بالضحى وأراد به النهار كله، بدليل أنه قابله بالليل فقال والليل إذا سجى، نظيره: قوله:أَوَ أَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى } [الأعراف: 98]، أي نهاراً. وقال قتادة ومقاتل: يعني وقت الضحى، وهي الساعة التي فيها ارتفاع الشمس، واعتدال النهار في الحر والبرد والصيف والشتاء. { وَٱلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ } ، قال الحسن: أقبل بظلامه، وهي رواية العوفي عن ابن عباس: وقال الوالبي عنه: إذا ذهب، قال عطاء والضحاك: غطى كل شيء بالظلمة. وقال مجاهد: استوى. وقال قتادة وابن زيد: سكن واستقر ظلامه فلا يزداد بعد ذلك. يقال: ليل ساج وبحر ساج إذا كان ساكناً. قوله تعالى: { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ } ، هذا جواب القسم أي ما تركك منذ اختارك ولا أبغضك منذ أحبك.