الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً }

{ ليغفر لك الله } غاية للفتح من حيث انه مترتب على سعيه عليه السلام فى اعلاء كلمة الله بمكابدة مشاق الحروب واقتحام موارد الخطوب قال بعضهم لما لم يظهر وجه تعليل الفتح بالمغفرة جعل الفتح مجازا مرسلا عن اسباب الفتح ليغفر لك فالفتح معلول مترتب على الافعال المؤدية الى المغفرة وان المغفرة علة حاملة على تلك الافعال فصح جعلها علة لما ترتب على تلك الافعال وهو الفتح وجعل الزمخشرى فتح مكة علة للمغفرة وهو اوفق للمذهب الحق لان افعال الله تعالى لا تعلل بالاغراض على مذهبهم فليست اللام على حقيقتها بل هى اما للصيرورة والعاقبة او لتشبيه مدخولها بالعلة الغائية فى ترتيبها على متعلقها وايضا ان العلة الغائية لها جهتا عليه ومعلولية على ما تقرر فلا لوم على من نظر الى جهة المعلولية كالزمخشرى لظهور صحته كما فى حواشى سعدى المفتى والالتفات الى اسم الذات المستتبع لجميع الصفات للاشعار بأن كل واحد مما انتظم فى سلك الغاية من افعاله تعالى صادر عنه تعالى من حيثية غير حيثية الآخر مترتبه على صفة من صفاته تعالى قال ابن الشيخ فى اظهار فاعل قوله { ليغفر لك } وينصرك اشعار بأن كل واحد من المغفرة والنصرة متفرع على الالوهية وكونه معبودا بالحق والمغفرة ستر الذنوب ومحوها قال بعض الكبار المغفرة اشد عند العارفين من العقوبة لان العقوبة جزآء فتكون الراحة عقيب الاستيفاء فهو بمنزلة من استوفى حقه والغفران ليس كذلك فانك تعرف ان الحق عليك متوجه لوانه انعم عليك بترك المطالبة فلا تزال خجلا ذاحياء ولهذا اذا غفر الله تعالى للعبد ذنبه احال بينه وبين تذكره وانساه اياه وانه لو تذكره لاستحيى ولا عذاب على النفوس اعظم من الحياء حتى يود صاحب الحياء انه لم يكن شيأ كما قالت مريم الكاملةيا ليتنى مت قبل هذا وكنت نسياً منسيا } هذا حياء من المخلوقين فكيف بالحياء من الله تعالى فيما فعل العبد من المخالفات ومن هذا الباب ما حكى ان الفضيل قدس سره وقف فى بعض حجاته ولم ينطق بشئ فلما غربت الشمس قال واسوأتاه وان عفوت قال الصائب هركز نداد شرم مرا رخصت نكاه. در هجر ووصل روى بديوار داشتم { ما تقدم من ذنبك وما تأخر } اى جميع ما فرط منك من ترك الاولى وتسميته ذنبا بالنظر الى منصبه الجليل لان حسنات الابرار سيئات المقربين على ما قاله ابو سعيد الخراز قدس سره وفى المثنوى آنكه عين لطف باشد برعوام. قهر شد برعشف كيشان كرام. قال بعضهم اى جميع ما صدر منك قبل النبوة وبعدها مما يطلق عليه الذنب قال فى شرح المواقف حمله على ما تقدم على النبوة وما تأخر عنها لادلالة اللفظ عليه اذيجوز ان يصدر عنه قبل النبوة صغيرتان احداهما متقدمة على الاخرى انتهى وفيه انه يصح أن يطلق على كل من الصغيرتين انهما قبل النبوة فان التقدم والتأخر اضافى وهو اللائح قال اهل الكلام ان الانبياء معصومون من الكفر قبل الوحى وبعده باجماع العلماء ومن سائر الكبائر عمدا بعد الوحى واما سهوا فجوزه الاكثرون واما الصغائر فتجوز عمدا عند الجمهور وسهوا بالاتفاق واما قبل الوحى فلا دليل بحسب السمع او العقل على امتناع صدور الكبيرة وقال عطاء الخراسانى ما تقدم من ذنبك اى ذنب ابويك آدم وحواء ببركتك روى ان آدم لما اعترف بالخطيئة قال يا رب اسألك بحق محمد أن تغفر لى فقال الله يا آدم كيف عرفت محمد ولم اخلقه قال لانك لما خلقتنى بيدك ونفخت فى من روحك رفعت رأسى فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا اله الا الله محمد رسول الله فعرفت انك لم تضف إلى اسمك الا اسم احب الخلق اليك فقال الله صدقت يا آدم انه لأحب الخلق الى فغفرت لك ولولا محمد لما خلقتك رواه البيهقى فى دلائله وما تأخر من ذنوب امتك بدعوتك وشفاعتك.

السابقالتالي
2 3 4