الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ ٱللَّهِ وَلاَ ٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ وَلاَ ٱلْهَدْيَ وَلاَ ٱلْقَلاۤئِدَ وَلاۤ آمِّينَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَٱصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلْبرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

قوله تعالى { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ ٱللَّهِ } خاطب العارفين عند اخذ ميثاق التوحيد فى مقام قرب المشاهدة بان لا يباشروا محارم منازل اسفار الارواح من القدم الى البقاء وهى شعائره للنفوس حيث سارت فى حرمات الشهوات حتى لا يوافقوها فى طلب حظوظها وهذا معنى قوله { لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ ٱللَّهِ } ثم وقت لهم فى سير الاسرار الى مشاهدته فى زمان ظهور تجلى الخاص ان يتجردوا غيره ويمنعوا انفسهم فى زمان انجذابهم من عالم الحدثان الى جناب الرحمن عن الدخول فى حمى الرفض الذى هو ينزل اهل الانبساط وهذا معنى قوله تعالى { وَلاَ ٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ } واذا رأوا طلاب المريدين الذين ذهبوا انفسهم الى الله هدياً فى سلوك المقامات ورأوا المجذوبين والمقلدين بسلسلة المحبة فى مزار الحالات ورأوا السالكين القاصدين الى كعبة المشاهدة الذين يبتغون وصلته وبقاءه بان لا يغيروهم عليهم بغيرة المعرفة ارادة لقطع طريقهم لئلا يروا غير نفوسهم فى باب الازل كما فعل موسى عليه السلام ببلعام وهذا معنى قوله تعالى { وَلاَ ٱلْهَدْيَ وَلاَ ٱلْقَلاۤئِدَ وَلاۤ آمِّينَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ } ثم خص المحرمين مما دونه اذا بلغتم الى مقام المشاهدة ووجدتم عيد الأكبر وخرجتم من احرام المجاهدة اصطادوا فى منزل البسط والانبساط زيادة روح القربة والتنفس فى الانس من ترنم ألحان بلابل بساتين الربيع وسماع اصوات الطيبات ومشاهدة المستحسنات ألا ترى الى قوله عليه السلام لنسّاك الغيب حين تضايقت الاكوان عليهم فى مقام القبض كيف قال " روحوا قلوبكم ساعة فساعة " وهذا معنى قوله تعالى { وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَٱصْطَادُواْ } واذا كنتم فى زمان الامتحان ويتعرضكم اهل ظاهر السبيل والعلم ويمنعكم عن الجلوس بالسماع والرقص والهيجان والوجد والهيمان وعن دخولكم مراد الله من المواقف القدسية لا تخاصموهم ولا تقتلوهم بانفسكم القاتلة حتى لا يكون عليكم رقم الاضطراب فى الطريقة وهذا معنى قوله تعالى { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُواْ } واذا تحير المريدون فى بيداء الشوق وهاموا فى وادى العشق وفنوا فى قفار التوحيد زيدوا عليهم وصف مشاهدتى ولذة وصالى وقدس عظمتى ليزيد حرقتهم ورغبتهم ومحبتهم لقائى ويزيد سرعتهم فى سيرة العشق والشوق إليّ واذا وقع فى طريقهم حظ من حظوظ انفسهم من ابواب الرخص والتأويلات فامنعوهم منه واتقوا من احتجابى عنكم حين احتجبوا منى فان عذاب الفراق منى اشد العذاب وما ذكرنا فهو معنى قوله تعالى { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلْبرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ آلْعِقَابِ } قيل البر ما وافق عليه العلم من غير خلاف والتقوى مخالفة الهوى والإثم طلب الرخص والعدوان التخطى الى الشبهات قيل البر ما اطمأن اليه قلبك من غير ان ينكره بجهة ولا سبب قال بعضهم تعاونوا على البر والتقوى وهو طاعة الاكابر من السادات والمشايخ ولا تضيعوا حظوظكم منهم ومن معاونتهم وخدمتهم ولا تعاونوا على الإثم وهو الاشتغال بالدنيا والعدوان موافقة النفس على مرادها وهواها وقال سهل البر الايمان والتقوى السنة والاثم الكفر والعدوان البدعة وعن جعفر عليه السلام قال البر الايمان والتقوى الاخلاص والاثم الكفر والعدوان المعاصى وقال الاستاذ فى قوله { وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَٱصْطَادُواْ } اذا خرجتم عن اسر حقوقنا فارجعوا الى استجلاب حظوظكم فأما مادمتم تحت قهر بطشنا فلا نصيب لكم منكم لأنكم لنا وقد وقع لى فى البر معنى البر المحبة والتقوى المعرفة والاثم طلب حظ المشاهدة من المشاهدة والعدوان دعوى الانانية فى الاتحاد لانه احتجب بحظ الربوبية عن الربوبية فى العبودية.