الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ }

ذلكَ الكتابُ

هذه لفظة يشار بها إلى ما قرب، وذلك إلى ما بعد، وذاك إلى ما بينهما ويحتمل أن يكون معنى ذلك ها هنا هذا؛ على قول عكرمة وجماعة من أهل العربية كالاخفش وأبي عبيدة وغيرهما؛ قال:
أقول له والرمح يأطر متنه   تأمل خفافاً انني أنا ذلكا
أي انني انا هذا. وقال تعالى ذلك عالم الغيب والشهادة، وهو موجود في الحال وانما جاز أن يستعمل هذا، وهي اشارة إلى حاضر، بمعنى ذلك وهي اشارة إلى غايب لأنه كالحاضر عند الغايب. ألا ترى ان الرجل يحدث حديثاً فيقول السامع هذا كما قلت وربما قال ان ذلك كما قلت وانما جاز ذلك لقرب جوابه من كلام المخبر، وكذلك لما قال تعالى { آلم } وذكرنا معنى ذلك، قال لنبيه: يا محمد هذا الذي ذكرته وبينته، ذلك الكتاب. فلذلك حسن وضع ذلك في مكان هذا، إلا أنه اشارة إلى ما مضى. وقال قوم: ان معناه ذلك الكتاب الذي وعدوا به على لسان موسى وعيسى كما قال الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم يعني: هذا ذلك الكتاب. وقال قوم: انما اشار إلى ما كان نزل من القرآن بمكة من السور فقال ذلك، والأول اقوى لأنه اشبه باقوال المفسرين. واما من حمل ذلك على انه اشار به إلى التوراة والانجيل فقد ابطل لأنه وصفه بانه لا ريب فيه وانه هدى للمتقين، ووصف ما في ايديهم بانه مغير محرّف في قوله:يحرفون الكلم عن مواضعه } قوله تعالى:

لا رَيْبَ فِيهِ:

القراءة ـ قرأ ابن كثير بوصل الهاء بياء في اللفظ، وكذلك كل هاء كناية قبلها ياء ساكنة فان كان قبلها ساكن غير الياء وصلها بالواو. ووافقه حفص في قوله: فيه مهانا. ووافقه المنسى في قوله: واشركه في أمري. ووافقه قتيبة في قوله: فملاقيه وسأصليه. فمن كسر الهاء مع ان الأصل الضمة فلأجل الياء والكسرة اللتين قبلها. والهاء تشبه الألف لأنها من حروف الحلق ولما فيها من الخفاء: فكما نحوا بالألف نحو الياء بالامالة لأجل الكسرة والياء كذلك كسروا الهاء للكسرة والياء لتتجانس الصورتان، وذلك حسن وتركوا الاشباع كراهية اجتماع المقاربة كما كرهوا اجتماع الامثال، ومن أشبع وأتبعها الياء، فان الهاء وإن كانت خفية فليس يخرجها ذلك من ان تكون كغيرها من حروف المعجم التي لا خفاء فيها نحو الراء والصاد وان الهاء والنون عند الجميع في وزن الشعر بمنزلة الراء والصاد وان كان في الراء تكرير وفي الصاد استطالة، فاذا كان كذلك كان حجزها بين الساكنين كحجز غيرها من الحروف التي لا خفاء فيها

المعنى:

ومعنى لا ريب فيه، أي لا شك فيه.

السابقالتالي
2