الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير صدر المتألهين/ صدر المتألهين الشيرازي (ت 1059 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }

وفيه إشراقات شمسيّة وأنوار قَمَريّة:

الأوّل: في اللّغة:

بَعَثَ في الأمّيّن يعني أرسله في العرب لأنّهم كانوا أمّة لا تكتب ولا تقرأ، ولم يبعث إليهم نبي - عن مجاهد وقتادة -.

وقيل: يعني أهل مكّة، لأنّ مكّة - شرّفها الله - تسمّى أمّ القرى.

وعن بعض المحقّقين من أهل الكشف: إنّ الرسول يسمّى بالأمّي لأنّه منسوب إلى أمّ الكتاب، أي اللوح المحفوظ، وبهذا الإعتبار تكون أمّته أمّيين، فهو رسول مبعوث من الله في الأمّيين مع كونه من جنس الآدميّين متعلّقا بقالب البشريّة المركّب من الماء والطين، ليمكن الوصول إليه والاجتماع بحضرته والاقتداء به والاستفادة من ذاته بجهة الحصّة البشريّة، والاستضاءة من أشعّة عقله المنوّر بوسيلة المشاركة الحسّية من ثقب إصطرلابات الحواسّ والعقول، والاستماع لتلاوة آيات الله القرآنيّة منه في عالَم المخاطبة الكلاميّة والمقارعة الهوائيّة.

نور قمري

خصائص النبي

بعثته (صلى الله عليه وآله وسلم)، كونه مأموراً بإصلاح هذا النوع الآدمي بواسطة استجماعه لشرائط الرسالة الإلهيّة، وخصاص السعادة الربانيّة من أوصاف شريفة كثيرة، ونعوت كريمة غفيرة، تشملها خصائص ثلاث متعلّقة بروحه ونفسه وحسّه:

أمّا الأولى: - وهي أشرف الجميع - فكونه مطّلعا على العلوم الإلهيّة عالما بحقائق الأشياء كما هي، من المبدأ الأعلى وملكوته العلوي والسفلي، وحقيقة النفس بكلا جزئيها العلمي والعملي، وكلتا نشأتيها الآخرة والأولى، وأحوال الخلائق في تلك الدار، ورجوع الكلّ إلى الواحد القهّار، علماً مستفادا من الهام الله بطريق الشكف الروحي والإلقاء السّبوحي، لا بوسيلة التعلّم البشري والتعمّل الفكري.

وأمّا الثانية: فكونه ذا قوّة باطنيّة بها تتمثّل له الحقائق بكسوة الأشباح المثاليّة في العالَم المتوسّط بين العالَمين، بل تسري قوّته إلى الحسِّ الظاهر، فهي تتشبّح له في هذا العالَم، فيشاهد الملِك الملقي عياناً، ويسمع كلام الله منه شفاها، بعبارات أنيقة وألفاظ فصيحة دقيقة المعاني، في غاية الفصاحة والسلامة والنفاسة، ويطلع بتعليمه والقائه على المغيبات الجزئيّة ويخبر عن الحوادث الماضية والآتية.

وأمّا الثالثة: فكونه ذا قوّة قويّة وبسطة شديدة، بها يقهر المعاندين والمنكرين ويتسلّط على أعداء الله وأولياء الشياطين، وذا مصابرة على الشدائد والامتحانات، واقتدار وتمكّن على تجهيز الجيوش وتثبّت في الحروب والمبارزات.

فمجموع هذه الثلاث من خاصية الرسالة، فأمّا آحاد هذه الخواصّ، فقد يوجد في غير الأنبياء بوجه، فإنّ الأولى ممّا تتحقّق في الأولياء والحكماء، وضرب من الخاصيّة الثانية توجد في أهل الكهانة والرهبانيين، والثالثة قد تكون في الملوك الشديدي البأس والهمّة.

إشراق شمسي

جامعية النبي للنشآت الثلاث

جوهر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كأنّه مجتمع من ثلاثة أشخاص عظيمة كلّ منهم رئيس مُطاع في نوعه، فبروحه وعقله يكون مَلَكا من المقرّبين، وبمرآة نفسه ولوح ذهنه يكون فَلَكا مرفوعاً عن أدناس العنصريين ولوحاً محفوظاً من مسّ الشياطين

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9