الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَإِذْ أَسَرَّ ٱلنَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ ٱللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَـٰذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْخَبِيرُ } * { إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ } * { عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً }

القراءة: قرأ الكسائي وحده عرف بالتخفيف والباقون عرف بالتشديد واختار التخفيف أبو بكر بن عياش وهو من الحروف العشر التي قال إني أدخلتها في قراءة عاصم من قراءة علي بن أبي طالب ع حتى استخلصت قراءته يعني قراءة علي ع وهي قراءة الحسن وأبي عبد الرحمن السلمي وكان أبو عبد الرحمن إذا قرأ إنسان بالتشديد حصبه وقرأ أهل الكوفة تظاهراً عليه خفيفة الظاء والباقون تظاهراً بالتشديد. الحجة: قال أبو علي التخفيف في عرف أنه جازى عليه لا يكون إلا كذلك ولا يجوز أن يكون بمعنى العلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أظهره الله على ما كان أسرَّه إليه علم ذلك ولم يجز أن يعلم من ذلك بعضه مع إظهار الله إياه عليه ولكن يعلم جميعه وهذا كما تقول لمن يسيء أو يحسن أنا أعرف لأهل الإساءة أي لا يخفى عليّ ذلك ولا مقابلته مما يكون وفقاً له فالمعنى جازى على بعض ذلك واعرض عن بعض ومثلهوما تفعلوا من خير يعلمه الله } [البقرة: 197]فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره } [الزلزلة: 7] أي يرى جزاءه وقوله { يرى } من رؤية العين وكان مما جازى عليه: تطليقه حفصة تطليقة واحدة وإما عرَّف بالتشديد فمعناها عرف بعضه وأعرض عن بعض فلم يعرفه إياه على وجه التكرم والإغضاء وإما تظاهراً فالأصل فيه وإن تتظاهرا بتائين فخفّف في القراءة الأولى بالحذف وفي القراءة الآخرة بالإدغام. اللغة: الحرام القبيح الممنوع منه بالنهي ونقيضه الحلال وهو الحسن المطلق بالإذن فيه والتحريم تبيين أن الشيء حرام لا يجوز والتحريم إيجاب المنع والابتغاء الطلب ومنه البغي طلب الاستعلاء بغير الحق والتحلة والتحليل بمعنى وهما مصدران لقولهم حللت له كذا وتحلة اليمين فعل ما يسقط التبعة فيه واليمين واحد الأيمان وهو الحلف وكأنه مأخوذ من القوة لأنه يقوّي كلامه بالحلف. وقيل إنه مأخوذ من الجارحة لأن عادتهم كانت عند الحلف ضرب الأيدي على الأَيدي والإسرار إلقاء المعنى إلى نفس المحدث على وجه الإخفاء عن غيره والتظاهر التعاون والظهير المعين وأصله من الظهر والسائح الجاري والعرب تصف بذلك الماء الجاري الدائم الجرية ثم تصف به الرجل الذي يضرب في الأرض ويقطع البلاد فتقول سائح وسياح والثيب الراجعة من عند الزوج بعد الافتضاض من ثاب يثوب إذا رجع والبكر هي التي على أول حالها قبل الافتضاض. الإعراب: قيل في جمع القلوب في قوله صغت قلوبكما وجوه أحدها: أن التثنية جمع في المعنى فوضع الجمع موضع التثنية كما قالكنا لحكمهم شاهدين } [الأنبياء: 78] وإنما هو داود وسليمان والثاني: أن أكثر ما في الإنسان اثنان اثنان نحو اليدين والرجلين والعينين وإذا جمع اثنان إلى اثنين صار جمعاً فيقال أيديهما وأعينهما ثم حمل ما كان في الإنسان واحداً على ذلك لئلا يختلف حكم لفظ أعضاء الإنسان والثالث: أن المضاف إليه مثنى فكرهوا أن يجمعوا بين تثنيتين فصرفوا الأول منهما إلى لفظ الجمع لأن لفظ الجمع أخف لأنه أشبه بالواحد فإنه يعرب بإعراب الواحد ويستأنف كما يستأنف الواحد وليست التثنية كذلك لأنها لا تكون إلا على حد واحد ولا يختلف ومن العرب من يثني فيقول قلباهما قال الراجز فجمع بين اللغتين:

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7