الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ ٱلْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَاهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي ٱلْمُؤْمِنِينَ فَٱعْتَبِرُواْ يٰأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ }

{ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. سَبَّحَ للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ } مثل أول سورة الحديد إِلا أن هنا تكريرا ما، زيادة فى التأَكيد والتنبيه على استقلال ما فى السماوات بالتسبيح واستقلال ما فى الأَرض بالتسبيح { هُوَ الَّذِي أخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أهْلِ الكِتَابِ } من للتبعيض متعلق بمحذوف حال من الذين. { مِن دِيَارِهِمْ } من للابتداء متعلق بأَخرج والآية بيان لبعض آثار قدرته تعالى، والذين كفروا بنوا النضير قبيلة عظيمة من يهود خيبر ويقال لها ولقريظة الكاهنان لأَنهما من ولد الكاهن هارون، خرجوا من الشام إِلى قريب من الشام انتظارا لخروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليؤمنوا به ويعينوه ولم يؤمن به - صلى الله عليه وسلم - من أدركه من ذريتهم إِلا قليل. وقيل إن موسى عليه السلام أرسلهم إِلى قتل العمالقة كلهم ولم يقاتلوا ورجعوا وقد مات وردهم بنو إِسرائيل عن الشام لأَنهم عصوا موسى عليه السلام فسكنوا الحجاز.

يروى أنه لما دخل النبى - صلى الله عليه وسلم - المدينة صالحه بنو النضير على أن لا يقاتلوه ولا يقاتلوا معه، ولما ظهر - صلى الله عليه وسلم - على المشركين يوم بدر قالوا له: الذى نجده فى التوراة لا ترد له راية ولما هزم المسلمون فى أُحد ارتابوا ونقضوا الصلح وركب كعب ابن الأَشرف فى أربعين إِلى مكة وتواثقوا مع أربعين من قريش فيهم أبو سفيان تحت أستار الكعبة فأَوحى الله تعالى إِليه - صلى الله عليه وسلم - بذلك وأمره بقتل كعب فقتله محمد بن مسلمة غيلة، ومن قبل ذلك أتاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستعينهم فى دية المسلمين اللذين قتلهما عمرو بن أُمية الضميري فى منصرفه من بئر معونة فهموا بطرح حجر عليه من الحصن فأَخبره الله تعالى فرجع إِلى المدينة فكتب إِليهم أن قد نقضتم العهد ولما قتل كعب أمر - صلى الله عليه وسلم - الناس بالمسير إِلى بنى النضير وهم فى قرية تسمى زهرة ووجدهم ينوحون على كعب فقالوا يا محمد واعية بغد واعية وباكية بعد باكية. فقال: نعم، قالوا: دعنا نبك وافعل أمرك وكتب إِليهم: اخرجوا من القرية فقالوا: الموت أقرب من ذلك وتنادوا بالحرب، وكتب إِليهم أُبى بن سلول ومن معه لا تخرجوا نقاتل معكم وإِن أُخرجتم خرجنا معكم ودربوا على الأَزقة وحصنوها، فقالوا له بقصد الغدر.

أخرج إِلينا فى ثلاثين ونخرج إِليكم فى ثلاثين فإن صدقوك آمنا، ففعل ثم قالوا: كيف نصل إِليه وهو فى ثلاثين كل واحد يفديه بنفسه فكتبوا إِليه كيف يفهم الكلام فى ثلاثين مع ثلاثين، ولكن ثلاثة منا وثلاثة منكم وأعدوا الخناجر، وكتبت يهودية بذلك إِلى أخيها من الأَنصار وهو مسلم فسارع إِليه - صلى الله عليه وسلم - فأَخبره سرا قبل أن يصل فرجع - صلى الله عليه وسلم - فصبحهم بالكتائب وحصرهم إِحدى وعشرين ليلة وأمر بقطع نخلهم فقذف فى قلوبهم الرعب وأيسوا من ابن أبى سلول فصالحهم على أن يخرجوا بما حملت إِبلهم إِلا السلاح.

السابقالتالي
2 3 4