{ وَيَقُولُونَ } ، يعني: أهل مكة، { لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ } ، أي: على محمد صلى الله عليه وسلم { آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ } ، على ما نقترحه، { فَقُلْ إِنَّمَا ٱلْغَيْبُ للَّهِ } ، يعني: قل إنما سألتموني الغيب وإنما الغيب لله، لا يعلم أحد لِمَ لمْ يفعلْ ذلك ولا يعلمه إلا هو. وقيل: الغيب نزول الآية لا يعلم متى ينزل أحدٌ غيره، { فَٱنْتَظِرُوۤاْ } نزولها { إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنتَظِرِينَ } ، وقيل: فانتظروا قضاء الله بيننا بالحق بإظهار المحق على المبطل. قوله عزّ وجلّ: { وَإِذَآ أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ } ، يعني: الكفار، { رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّآءَ } ، أي: راحة ورخاء من بعد شدة وبلاء. وقيل: القطر بعد القط، { مَسَّتْهُمْ } ، أي: أصابتهم، { إِذَا لَهُمْ مَّكْرٌ فِيۤ آيَاتِنَا } ، قال مجاهد: تكذيب واستهزاء. وقال مقاتل بن حيان: لا يقولون: هذا رزقُ الله، إنما يقولون: سُقِبنَا بِنَوْءِ كذا، وهو قوله:{ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } [الواقعة: 82]. { قُلِ ٱللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً } ، أي: أعجل عقوبة وأشد أخذاً وأقدر على الجزاء، يريد عذابه في إهلاككم أسرع إليكم مما يأتي منكم في دفع الحق، { إِنَّ رُسُلَنَا } ، حفظتنا، { يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ } ، وقرأ يعقوب: «يمكرون» بالياء. قوله تعالى: { هُوَ ٱلَّذِى يُسَيِّرُكُمْ } ، يجريكم ويحملكم، وقرأ أبو جعفر وابن عامر: «ينشركم» بالنون والشين من النشر وهو البسط والبث، { فِى ٱلْبَرِّ } ، على ظهور الدواب، { و } في { البحر } ، على الفلك، { حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِى ٱلْفُلْكِ } ، أي: في السفن، تكون واحداً وجمعاً { وَجَرَيْنَ بِهِم } ، يعني: جرت السفن بالناس، رجع من الخطاب إلى الخبر، { بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ } ليّنة، { وَفَرِحُواْ بِهَا } ، أي: بالريح، { جَآءَتْهَا رِيحٌ } ، أي: جاءت الفلك ريح، { عَاصِفٌ } ، شديدة الهبوب، ولم يقل ريح عاصفة، لاختصاص الريح بالعصوف. وقيل: الريح تُذكّر وتؤنث. { وَجَآءَهُمُ } ، يعني: ركبان السفينة، { ٱلْمَوْجُ } ، وهو حركة الماء واختلاطه، { مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوۤاْ } ، أيقنوا { أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ } ، دَنَوا من الهلكة، أي: أحاط بهم الهلاك، { دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } ، أي: أخلصوا في الدعاء لله ولم يدعوا أحداً سوى الله، وقالوا: { لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا } ، يا ربنا، { مِنْ هَـٰذِهِ } ، الريح العاصف، { لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ } ، لك بالإِيمان والطاعة.