الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ } * { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ }

{ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ } أي: ما تعيشون به من المطاعم والملابس وغيرهما، مما تقتضيه ضرورة الحياة { وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ } أي: من الأنعام والدواب وما أشبهها. قال القاضي: وفذلكة الآية الاستدلال بجعل الأرض ممدودة بمقدار وشكل معينين، مختلفة الأجزاء في الوضع، محدثة فيها أنواع النبات والحيوان المختلفة خلقة وطبيعة، مع جواز أن لا يكون كذلك، على كمال قدرته وتناهي حكمته والتفرد في الألوهية والامتنان على العباد، بما أنعم عليهم في ذلك، ليوحّدوه ويعبدوه. ثم بالغ في ذلك وقال: { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ } أي: وما من شيء إلا ونحن قادرون على إيجاده وتكوينه أضعاف ما وجد منه. شبَّه اقتداره على كل شيء وإيجاده بالخزائن المودعة فيها الأشياء، والمعدّة لإخراج ما يشاء منها، وما يخرجه إلا بقدر معلوم. استعارة تمثيلية. أو شبّه مقدوراته بالأشياء المخزونة التي لا يحوج إخراجها إلى كلفة واجتهاد. استعارة مكنية. ومعنى { نُنَزِّلُهُ } أي: نوجده ونخرجه في عالم الشهادة. والقدر المعلوم الأجل المعين له، حسبما تقتضيه الحكمة.