الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ يَسْتَوِيۤ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ وَأَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ }

{ لايستوى اصحاب النار } الذين نسوا الله فاستحقوا الخلود فى النار والنار باللام من اعلام جهنم كالساعة للقيامة ولذا كثير ما تذكر فى مقابلة الجنة كما فى هذا المقام وجاء فى الشعر
الجنة الدار فاعلم ان عملت بما يرضى الاله وان فرطت فالنار هما محلان ماللناس غير هما فانظر لنفسك ماذا أنت تختار   
والصحبة فى الاصل اقران الشىء بالشىء فى زمان ما قل او كثر وبذلك يكون كل منهما صاحب الآخر وان كانت على المداومة والملازمة يكون كمال الصحبة ويكون الصاحب المصاحب عرفا وقد يطلق على الطرفين حينئذ صاحب ومصاحب ايضا ومن ذلك يكنى عن زوجة بالصاحبة وقد يقال للمالك لكثرة صحبته بمملوكه كما قيل له الرب لوقوع تربية المالك على مملوكه فيقال صاحب المال كا يقال رب المال فاطلاق اصحاب النار واصحاب الجنة على أهلهما اما باعتبار الصحبة الابدية والاقتران الدآئم حتى لايقال للعصاة المعذبين بالنار مقدار ماشاء الله اصحاب النار او باعتبار الملك مبالغة ورمزا الى انها جزآء لاهلهما باعتبار كسبهما بأعمالهم الحسنة او السيئة { واصحاب الجنة } الذين اتقوا الله فاستحقوا الخلود فى الجنة قال فى الارشاد لعل تقديم اصحاب النار فى الذكر للايذان من اول الامر بأن القصور الذى ينبىء عنه عدم الاستوآء من جهتهم لامن جهة مقابليهم فان مفهوم عدم الاستوآء بين الشيئين المتفاوتين زيادة ونقصانا وان جاز اعتباره بحسب زيادة الزآئد لكن المتبادر اعتباره بحسب نقصان الناقص وعليه قوله تعالىهل يستوى الاعمى والبصير ام هل تستوى الظلمات والنور } الى غير ذلك من المواضع واما قوله تعالىهل يستوى الذين يعلمون والذين لايعلمون } فلعل تقديم الفاضل فيه لان صلته ملكة والاعدام مسبوقة بملكاتها وقال بعضهم قدم اصحاب النار لذكر الذين نسوا الله قبله ولكثرة اهلها ولان اول طاعة اكثر الناس بالخوف ثم بالرجاء ثم بالمحبة فى البعض ولا دلالة فى الآية الكريمة على ان المسلم لايقتص بالكافر وان الكفار لايملكون أموال المسلمين بالقهر كما هو مذهب الشافعى لان المراد عدم الاستوآء فى الاحوال الاخروية كما ينبىء عنه التفسير من الفريقين بصاحبية النار وصاحبية الجنة وكذا قوله تعالى { اصحاب الجنة هم الفائزون } فانه استئناف مبين لكيفية عدم الاستوآء بين الفريقين فالفوز الظفر مع حصول السلامة اى هم الفائزون بكل مطلوب الناجون من كل مكروه فهم اهل الكرامة فى الدارين واصحاب النار أهل الهوان فيهما وفيه تنبيه للناس بأنهم لفرط غفلتهم ومحبتهم العاجلة اتباع الشهوات كأنهم لايعرفون الفرق بين الجنة والنار وبين اصحابهما حتى احتاجوا الى الاخبار بعدم الاستوآء كما تقول لمن يعق أباه هو أبوك تجعله بمنزلة من لايعرفه فتنبه بذلك على حق الابوة الذى يقتضى البر والتعطف فكذا نبه الله تعالى الناس بتذكير سوء حال أهل النار وحسن حال أهل الجنة على الاعتبار والاحتراز عن الغفلة ورفع الرأس عن المعاصى والتحاشى من عدم المبالاة قال عليه السلام

السابقالتالي
2