{ فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً } فجأة { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } بإتيانه { فَيَقُولُواْ } وفيأتيهم معطوفان على { يروا } { هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ } يسألون النظرة والإمهال طرفة عين فلا يجابون إليها { أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ } توبيخ لهم وإنكار عليهم قولهم:{ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مّنَ ٱلسَّمَاء أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [الأنفال: 32] ونحو ذلك. { أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَـٰهُمْ سِنِينَ } قيل: هي سنو مدة الدنيا { ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُواْ يُوعَدُونَ } من العذاب { مَا أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يُمَتَّعُونَ } به في تلك السنين. والمعنى أن استعجالهم بالعذاب إنما كان لاعتقادهم أنه غير كائن ولا لاحق بهم وأنهم ممتعون بأعمار طوال في سلامة وأمن فقال الله تعالى: { أفبعذابنا يستعجلون } أشراً وبطراً واستهزاء واتكالاً على الأمل الطويل، ثم قال: هب أن الأمر كما يعتقدون من تمتيعهم وتعميرهم فإذا لحقهم الوعيد بعد ذلك ما ينفعهم حينئذ ما مضى من طول أعمارهم وطيب معايشهم؟. قال يحيـى ابن معاذ: أشد الناس غفلة من اغتر بحياته والتذ بمراداته وسكن إلى مألوفاته والله تعالى يقول: { أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون } ، وعن ميمون بن مهران أنه لقي الحسن في الطواف وكان يتمنى لقاءه فقال: عظني فلم يزده على تلاوة هذه الآية. فقال ميمون: قد وعظت فأبلغت. وعن عمر بن عبد العزيز أنه كان يقرؤها عند جلوسه للحكم { وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ } رسل ينذرونهم. ولم تدخل الواو على الجملة بعد إلا كما في:{ وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَـٰبٌ مَّعْلُومٌ } [الحجر: 4] لأن الأصل عدم الواو إذ الجملة صفة لـ { قرية } وإذا زيدت فلتأكيد وصل الصفة بالموصوف