وقوله تعالى: { أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِى ٱلنَّارِ } قالت فرقةٌ: معنى الآيةِ: أَفَمَنْ حَقَّتْ عَلَيْه كلمةُ العَذَابِ فَأَنْتَ تُنْقِذهُ، لكنَّه زَادَ الهَمْزَةَ الثانيةَ؛ تَوْكِيداً، وأظْهرَ الضميرَ تَشْهيراً لهؤلاءِ القَومِ وإظهاراً لِخِسَّةِ منازِلهم.
وقوله تعالى: { لَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ } الآية مُعَادَلَةٌ وتَحْضِيضٌ على التقوَىٰ، وعَادَلَتْ { غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ } ما تَقَدَّمَ مِنَ الظُّلَلِ فَوْقَهُمْ وَتَحْتَهُمْ، والأحاديثُ الصحيحةُ في هذا البابِ كثِيرةٌ، ثُمَّ وَقَفَ تَعالَىٰ نبيَّه ـــ عليه السلام ـــ وأُمَّتَهُ على مُعْتَبَرٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ، فقال: { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ مَاءً... } الآية، قال الطبريُّ: الإشارةُ إلى ماءِ المطرِ ونَبْعِ العيونِ منه، { فَسَلَكَهُ } معناه: أجْرَاهُ وأدْخَلَهُ في الأرضِ، و { يَهِـيجُ } معناه: يَيْبَسُ، وهاجَ الزَّرْعُ والنباتُ: إذَا يَبِسَ، والحُطَامُ: اليابِسُ المُتَفَتِّتُ، ومعنى «لَذِكْرَىٰ» أيْ: للبَعْث من القبورِ وإحياء الموتَىٰ؛ على قياسِ هذا المِثَالِ المذكورِ.