الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ لَوْ أَنزَلْنَا هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ وَتِلْكَ ٱلأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }

{ لو أنزلنا هذا القرءآن } العظيم الشأن المنزل عليكم ايها الناس المنطوى على فنون القوارع او المنزل عليك يا محمد او على محمد بحسب الالتفات فى الخطاب قال ابن عباس رضى الله عنهما ان السماء اطت يعنى آو ازداد من ثقل الالواح لما وضعها الله عليها فى وقت موسى فبعث الله لكل حرف منها ملكا فلم يطيقوا حلمها فخففها على موسى وكذلك الانجيل على عيسى والفرقان على محمد عليهم السلام ثم انه لايلزم فى الاشارة وجود جملة المشار اليه ذى الابعاض المترتبة وجودا بل يكفى وجود بعض الاشارة حقيقة ووجود بعض آخر حكما ويحتمل أن يكون المشار اليه هنا الآية السابقة من قوله تعالىيا أيها الذين آمنوا } الخ فان لفظ القرءآن كما يطلق على المجموع يطلق على البعض منه حقيقة بالاشتراك او باللغة او مجازا بالعلاقة فيكون التذكير باعتبار تذكير المشار اليه { على جبل } من الجبال وهى ستة آلاف وستمائمة وثلاثة وسبعون جبلا سوى التلول كما فى زهرة الرياض وهى محركة كل وتد للارض عظم وطال فان انفرد فأكمة وقنة بضم القاف و اعتبر معانية فاستعير واشتق منه بحسبه فقيل فلان جبل لايتد حرج تصور المعنى الثابت وجبله ا لله على كذا اشارة الى ماركب فيه من الطبع الذى يأبى على الناقل نقله { لرأيته } يامن من شأنه الرؤية اويا محمد مع كونه علما فى القسوة وعدم التأثر مما يصدمه { خاشعا } خاضعا ذليلا وهو حال من الضمير المنصوب فى قوله { لرأيته } لانه من الرؤية البصرية قال بعضهم الخشوع انقياد الباطن للحق والخضوع انقياد الظاهر له وقال بعضهم الخضوع فى البدن والخشوع فى الصوت والبصر قال الراغب الخشوع ضراعة واكثر مايستعمل فيما يوجد فى الجوارح والضراعة اكثر ماتستعمل فيما يوجد فى القلب ولذلك قيل فيما روى اذا ضرع القلب خشعت الجوارح { متصدعا من خشية الله } اى متشققا منها أن يعصيه فيعاقبه والصدع شق فى الاجسام الصلبة كالزجاج والحديد ونحوهما ومنه استعير الصداع وهو الانشقاق فى الرأس من الوجع قال العلماء هذا بيان وتصوير لعلو شأن القرءآن وقوة تأثير مافيه من المواعظ أريد به توبيخ الانسان على قسوة قلبه وعدم تخشعه عند تلاوته وقلة تدبره فيه والمعنى لو ركب فى الجبل عقل وشعور كما ركب فيكم أيها الناس ثم أنزل عليه القرءآن ووعد وأوعد حسب حالكم لخشع وخضع وتصدع من خشية الله حذرا من ان لايؤدى حق الله تعالى فى تعظيم القرءآن والامتثال لما فيه من امره ونهيه والكافر المنكر اقسى منه ولذا لا يتأثر اصلا مصراع اى دل سنكين تويك ذره سوهان كيرنيست، وهو كما تقول لمن تعظه ولا ينجع فيه وعظك لو كلمت هذا الحجر لأثر فيه ونظيره قول الامام مالك للشافعى لو رأيت أبا حنيفة رأيت رجلا لو كلمك فى هذه السارية ان يجعلها ذهبا لقامت حجته

السابقالتالي
2 3