الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَآ أَنْفَقْتُمْ مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ }

قوله تعالى: { يسئلونك ماذا ينفقون } في سبب نزولها قولان. أحدهما: أنها نزلت في عمرو بن الجموح الأنصاري، وكان له مال كثيرٌ، فقال: يا رسول الله بماذا نتصدق، وعلى، مَن ننفق؟ فنزلت هذه الآية. رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: " أن رجلاً قال: للنبي صلى الله عليه وسلم: إِن لي ديناراً، فقال: «أنفقه على نفسك». فقال: إن لي دينارين. فقال: «أنفقها على أهلك». فقال: إن لي ثلاثة، فقال: «أنفقها على خادمك». فقال: إن لي أربعة، فقال: «أنفقها على والديك». فقال: إن لي خمسة. فقال: «أنفقها على قرابتك». فقال: إِن لي ستة فقال: «أنفقها في سبيل الله، وهو أحسنها» " فنزلت هذه الآية. رواه عطاء عن ابن عباس.

قال الزجاج: «ماذا» في اللغة على ضربين، أحدهما: أن تكون «ذا» بمعنى الذي، و «ينفقون»: صلته، فيكون المعنى: يسألونك: أي شيء الذي ينفقون؟ والثاني: أن تكون «ما» مع «ذا» اسماً واحداً، فيكون المعنى: يسألونك أي شيءٍ ينفقون، قال: وكأنهم سألوا: على مَن ينبغي أن يفضلوا، وما وجه الذي ينفقون؟ لأنهم يعلمون ما المنفق، وأعلمهم الله أن أولى مَن أُفضِل عليه الوالدان والأقربون. والخير: المال، قاله ابن عباس في آخرين. وقال ومعنى «فللوالدين» فعلى الوالدين.

فصل

وأكثر علماء التفسير على أن هذه الآية منسوخة، قال ابن مسعود: نسختها آية الزكاة. وذهب الحسن إلى إحكامها، وقال ابن زيد: هي في النوافل، وهذا الظاهر من الآية، لأن ظاهرها يقتضي الندب، ولا يصح أن يقال: إنها منسوخة، إلا أن يقال: إنها اقتضت وجوب النفقة على المذكورين فيها.