الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ } * { هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْمَلِكُ ٱلْقُدُّوسُ ٱلسَّلاَمُ ٱلْمُؤْمِنُ ٱلْمُهَيْمِنُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْجَبَّارُ ٱلْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { هُوَ ٱللَّهُ ٱلْخَالِقُ ٱلْبَارِىءُ ٱلْمُصَوِّرُ لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }

لما قال تعالى:من خشية الله } [الحشر: 21] جاء بالأوصاف التي توجب لمخلوقاته هذه الخشية، و { الغيب } ما غاب عن المخلوقين، و { الشهادة } ما شاهدوه. وقال حرب المكي { الغيب }: الآخرة { والشهادة }: الدنيا. وقرأ جمهور الناس: " القُدوس " بضم القاف، وهو فعول من تقدس إذا تطهر، وحظيرة القدس الجنة، لأنها طاهرة، ومنه روح القدس، ومنه الأرض المقدسة بيت المقدس، وروي عن أبي ذر أنه قرأ: " القَدوس " بفتح القاف وهي لغة، و { السلام } معناه: الذي سلم من جوره، وهذا اسم على حذف مضاف أي ذو { السلام } ، لأن الإيمان به وتوحيده وأفعاله هي لمن آمن سلام كلها، و { المؤمن } اسم فاعل من آمن بمعنى أمن. قال أحمد بن يحيى ثعلب معناه: المصدق للمؤمنين في أنهم آمنوا. قال النحاس: أو في شهادتهم على الناس في القيامة. وقال ناس من المتأولين معناه: المصدق نفسه في أقواله الأزلية: لا إله غيره و { المهيمن } معناه: الأمين والحفيظ. قاله ابن عباس وقال مؤرج: { المهيمن }: الشاهد بلغة قريش، وهذا بناء لم يجئ منه في الصفات إلا مهيمن ومسيطر ومبيقر ومبيطر، جاء منه في الأسماء مجيمر: وهو اسم واد ومديبر. و: { العزيز } الذي لا يغلب والقاهر الذي لا يقهر يقال عزيز إذا غلب برفع العين في المستقبل. قال الله تعالى:وعزني في الخطاب } [ص: 23] أي غلبني، وفي المثل من عز بزّ أي من غلب سلب، و { الجبار } هو الذي لا يدانيه شيء ولا يلحق رتبه، ومنه نخلة جبارة إذا لم تلحق وأنشد الزهراوي: [الطويل]

أطافت به جيلان عند قطاعه   وردت إليه الماء حتى تجبرا
و { المتكبر } معناه الذي له التكبر حقاً، ثم نزه الله تعالى نفسه عن إشراك الكفار به الأصنام التي ليس لها شيء من هذه الصفات، و: { البارئ } بمعنى { الخالق } ، برأ الله الخلق أي أوجدهم، و: { المصور } هو الذي يوجد الصور، وقرأ علي بن أبي طالب: " المصوَّرَ " بنصب الواو والراء على إعمال { البارئ } به، وهي حسنة يراد بها الجنس في الصور، وقال قوم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه إنه قرأ: " المصوَّرِ " بفتح الواو وكسر الراء على قولهم الحسن الوجه وقوله تعالى: { له الأسماء الحسنى } أي ذات الحسن في معانيها القائمة بذاته لا إله إلا هو، وهذه الأسماء هي التي حصرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: " إن لله تعالى تسعة وتسعين اسماً، مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة " ، وقد ذكرها الترمذي وغيره مسندة، واختلف في بعضها ولم يصح فيها شيء إلا إحصاؤها دون تعين، وباقي الآية بين.