الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ } * { إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ }

{ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ } فلما قال احطت بما لم تحط به عجب سليمان ثم اسرع فى قوله { وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ } فلما سمع سليمان قوله وجرأته عنده علم انه تكلم من راس العشق ويجب قوله عجائب فلما أخبر تمام الحكاية سكن سليمان عنه واشتغل باتيان بلقيس وجعله رسولا بينه وبين بلقيس وما اطيب سوال العاشق والمعشوق اذ كان عاشقا انظر الى ظرافة هدهد وطلافة كلامه عند سليمان كيف ذكر { إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً } مرتين سائر ما راى من الملك والبلاء والعساكر ثم ذكر محاسنها بلطف الاشارة بقوله { وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ } وما ذكر وصف جمالها بالتصريح لانه علم ان ذلك من سوء الادب ولا تعجب ذلك فان الانبياء والاولياء اذا استانسوا بعالم الملكوت لم يصيروا من رؤية المستحسنات الا ترى كيف كان سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه يحب الوجه الحسن ومن فرط حب الله قال " حبب الىّ من دنياكم ثلاث الطيب والنساء " وحاشا انهم يلتفتون الى شئ لا يكون وسيلة الى الله واحسن وسيلة الى الله عند العارف القفلى الوجه الحسن والصوت الحسن الطيب ورؤية كل مستحسن فى العالم من الارواح والاشباح والجواهر والأعراض لان حسنها صدر من معدن حسن الازل ولذلك قال عليه السّلام برؤية الحسن " ان أحسن الحسن الوجه الحسن والصوت الحسن والخلق الحسن " وقال ذو النون من استانس بالله استانس بكل شئ مليح ووجه صبيح وبكل صوت طيب وبكل رائحة طيبة قال الجنيد فى قوله لأعذبنه لأفرقن بينه وبين الفه وقال جعفر لأبتلينه بشتات السر وقال جعفر الخلدى لالزمنه صحبة الاضداد فان ذلك من اشد العذاب قال بعضهم لأبعدنّه من مجالس الذاكرين جئنا الى قصة العشق فى اشارة قوله سبحانه حاكيا عن قول الهدهد.