الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ } * { هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْمَلِكُ ٱلْقُدُّوسُ ٱلسَّلاَمُ ٱلْمُؤْمِنُ ٱلْمُهَيْمِنُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْجَبَّارُ ٱلْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { هُوَ ٱللَّهُ ٱلْخَالِقُ ٱلْبَارِىءُ ٱلْمُصَوِّرُ لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }

يقول الحق جلّ جلاله: { هو اللهُ الذي لا إِله إِلاّ هو } وحده { عَالِمُ الغيبِ والشهادة } أي: ما غاب عن الحس من الأسرار القديمة، وما حضر له من الأجرام الحسية. قال الورتجبي: أي: عالم بالمعلومات الغيبية قبل وجودها، وبعد وجودها، لا يزيد علمه بالغيب علمه بالعلانية، لا علمه بالعلانية علمه بالغيب. هـ. وتقديم الغيب على الشهادة لتقدُّمه في الوجود، وتعلُّق العلم القديم به، أو: المراد بالغيب: المعدوم، وبالشهادة: الموجود، أو السر والعلانية، { هو الرحمنُ الرحيم } أي: الرحمن بجلائل النِعم، والرحيم بدقائقها، أو: الرحمن بنعمة الإيجاد، والرحيم بنعمة الإمداد. { هو اللهُ الذي لا إله إلاّ هو } ، كرر لإبراز الاعتناء بأمر التوحيد، { الملكُ } المتصرف بالإطلاق، الذي لا يزول مُلكه أبدًا، { القدوسُ } البليغ في النزاهة عما لا يليق به. وقُرىء بالفتح وهي لغة فيه، { السلام } ذو السلامة من كل نقص، أو: الذي يَسلم الخلق من ظلمه، أو: ذو السلام على أوليائه يوم القيامة، { المؤمنُ } واهب الأمْن، أو: المؤمن مِن عذابه مَن أطاعه، أو المصدِّق لعباده إذا وحّدوه أو: المصدِّق للرسل بالمعجزات، { المهيمِنُ } الرقيب الحافظ لكل شيء مُفَيْعِل، من: الأمن، بقلب همزته هاء، { العزيزُ } ، الغالب الذي لا يُغلب، { الجبَّارُ } الذي جَبَرَ خلقه على ما أراد، أو: جبر أحوالهم، أي: أصلحها، { المتكبّر } الذي تكبّر عن كل ما يوجب حاجة أو نقصًا، أو: البليغ الكبرياء والعظمة. { سبحان الله عما يشركون } ، نزَّه ذاته عما يصفه به المشركون إثر تعداد صفاته التي لا يمكن أن يُشارَك في شيءٍ منها أصلاً. { هو اللهُ الخالقُ } المقدّر للأشياء على مقتضى حكمته، { البارىء } الموجد لها بريةً من التفاوت وقيل: المميِز بعضها من بعض بالأشكال المختلفة، { المُصَوِّر } الموجد لصورها وكيفيتها كما أراد. قال الغزالي: الخالق من حيث إنه مُقدِّر، البارىء من حيث إنه مُوجد، المصوِّر، مِن حيث أنه مُصَوِّر صور المخترعات أحسن ترتيب، ومُزيّنها أحسن تزيين. هـ. قلت: وحاصل كلامه: أن الخالق يرجع للإرادة، والبارىء للقدرة، والمُصَوِّر للحكمة، والأحسن: أن يُقال: إنّ الخالق: المخترع للأشياء من غير أصل، البارىء: المهيىء كلَّ ممكن لقبول صورته، فهو من معنى الإرادة إذ متعلّقه التخصيص، المُصَوِّر: المُعطي كل مخلوق ما هيىء له من صورة وجوده بحكمته، فهو معاني اسمه " الحكيم ". { له الأسماءُ الحسنى } لدلالتها على المعاني الحسنة، وتقدم عدها في آخر الإسراء. { يُسبح له ما في السمواتِ والإرض } ينطق بتنزيهه عن جميع النقائص تنزيهًا ظاهرًا، { وهو العزيزُ } لا يُغلب، { الحكيمُ } الذي لايمكن الاعتراض عليه في شيء من تقديراته. ختم السورة بما بدأ به من التسبيح. عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: سألت حبيبي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن اسم الله الأعظم؟ فقال:

السابقالتالي
2