الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ }

{ لَوْ كَانَ فِيهِمَا } فى الجنسين، أحدهما السموات، والآخر الأرض. { آلِهَةً إِلاّ اللهُ لَفَسَدَتَا } هما وما فيهما إن الرعية وسائر الأملاك تفسد بتدبير الملكين فكيف بملاك بين متعدد من التغالب والتخالف؟! قال عبد الملك بن مروان حين قتل عمر بن سعد الأشدق كان والله أعز علىَّ من دم ناظرى، لكن لا يجتمع فحلان فى شول، فهذا يريد أن يكون السماوات والأرض على صفة كذا، وهذا على صفة كذا. وهذا يريد أن يفعل من فيهما كذا. وهذا يريد غير ما أراد ذاك، وذلك على وقف العادة عند تعدد الحاكم. فلو أراد أحد الآلهة تحريك شئ وأراد لآخر تسكينه، فإما أن يقع المرادان وهو محال لأنه جمع بين الضدين، وإما أن لا يقع واحد، وهو محال أيضا لأن مانع مراد كل هو مراد الآخر، فلا يمنع مراد واحد إلا عند وجود مراد الآخر. وإما أن يقع واحد دون الآخر، وهو محال لأن كل قادر على ما لا نهاية له فتستوى الآلهة فى القدرة. فإثبات الأولهية لأحدها، وإثبات وقوع مراده ترجيح بلا مرجح، ولأنه إن وقع مراد أحدها دون غيره، فالذى لم يقع مراده عاجز، فليس بإله. وإن فرضنا آلهة قادرة على جميع الممكنات غير مختلفة الإرادة، فالفعل الواحد إنما يصدر من واحد إذ لا يشترك اثنان فى فعل ومهما تخيل لك من ذلك، فقد اختص كل واحد بجزء، وباشره هو لا غيره. وكل موجود دليل على وجود الله تعالى. أشار إلى ذلك الفخر. وإيضاحه أنه لو كان معه إله آخر، لم يخل إما أن يتخلفا فى الإرادة على إرادة حكم التضاد، أو يتفقا. والتالى بقسيمه محال، فالمقدم مثله. أما الملازمة فدليلها وجوب عموم تعلق إرادة الإله وقدرته وسائر صفاته المتعلقة. فلو كان ثَم إلهان لوجب تعلق إرادة كل واحد منهما، وقدرته بكل ممكن. ومتى تعلق بالفعل إرادتان، لم يخل من الاتفاق عليه أو التباين. أما بطلان التالى فببطلان طرفيه، وهما الاختلاف والاتفاق. فوجه بطلان الطرف الأول وهو الاختلاف هو أن تقول لو اختلفا فى فعل، بأن يريد أحدهما وجود الجسم، ويريد الآخر عدمه، أو يريد أحدهما حركته، والآخر سكونه، يلزم عجزهما معا، أو عجز أحدهما لأن نفوذ إرادتهما معا مستحيل، لِما يؤدى إليه من اجتماع النقيضين، أو ما فى حكمهما، فيكون الشئ فى الزمان الواحد موجوداً معدوداً أو متحركا ساكنا. فإذن لا بد من تعطيل النفوذ لإحدى الإرادتين، أو لكلتيهما. فإن تعطلتا معا لزم عجز الإلهين، لتعذر الفعل من كل واحد منهما، ويلزم عليه أيضا خلو المحل عن النقيضين. ولا مانع من نفوذ إرادة كل واحد منهما وقدرته، إلا نفوذ إرادة الآخر وقدرته.

السابقالتالي
2 3 4 5