الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ يَرَوْنَ ٱلْمَلاَئِكَةَ لاَ بُشْرَىٰ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً }

{ يَوْمَ يَرَوْنَ ٱلْمَلَٰئِكَةَ } استئناف مسوق لبيان ما يلقونه عند مشاهدة الملائكة عليهم السلام بعد استعظام طلبهم إنزالهم عليهم وبيان كونه في غاية الشناعة. وإنما قيل: { يَوْمَ يَرَوْنَ } دون أن يقال يوم تنزل الملائكة إيذاناً من أول الأمر بأن رؤيتهم لهم ليست على طريق الإجابة إلى ما طلبوه بل على وجه آخر لم يمر ببالهم. { وَيَوْمَ } منصوب على الظرفية بما يدل عليه قوله تعالى: { لاَ بُشْرَىٰ يَوْمَئِذٍ لّلْمُجْرِمِينَ } فإنه في معنى لا يبشر يومئذٍ المجرمون والعدول إلى نفي الجنس للمبالغة في نفي البشرى فكأنه قيل لا يبشرون يوم يرون الملائكة، وقدر بعضهم يمنعون البشرى أو يفقدونها والأول أبعد من احتمال توهم تهوين الخطب، وقدر بعضهم لا بشرى قبل يوم وجعله ظرفاً لذلك، وجوز أبو البقاء تعلقه بيعذبون مقدراً لدلالة { لاَ بُشْرَىٰ } الخ عليه وكونه معمولاً لا ذكر مقدراً قال: أبو حيان وهو أقرب.

وقال صاحب «الفرائد»: يمكن أن يكون منصوباً بينزل مضمراً لقولهم:لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْنَا ٱلْمَلَٰئِكَةُ } [الفرقان: 21] كأنه قيل ينزل الملائكة يوم يرونهم، ولا يقال: كيف يكون وقت الرؤية وقتاً للإنزال لأنا نقول: الظرف يحتمل ذلك لسعته واستحسنه الطيبـي فقال هو قول لا مزيد عليه لأنه إذا انتصب بينزل يلتئم الكلامان لأن قوله تعالى: { يَوْمَ يَرَوْنَ } الخ نشر لقوله تعالى:لَوْلا أُنزِلَ } [الفرقان: 21] الخ، وقوله سبحانه:وَقَدِمْنَا } [الفرقان: 23] نشر لقوله عز وجل:أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا } [الفرقان: 21] ولم يجوز الأكثرون تعلقه ببشرى المذكور لكونه مصدراً وهو لا يعمل متأخراً وكونه منفياً بلا ولا يعمل ما بعدها فيما قبلها. و { يَوْمَئِذٍ } تأكيد للأول أو بدل منه أو خبر { وللمجرمين } تبيين متعلق بمحذوف كما في سقيا له أو خبر ثان أو هو ظرف لما يتعلق به اللام أو لبشرى إن قدرت منونة غير مبنية مع لا فإنها لا تعمل إذ لو عمل اسم لا طال وأشبه المضاف فينتصب.

وفي «البحر» ((احتمل بشرى أن يكون مبنياً مع لا واحتمل أن يكون في نية التنوين منصوب اللفظ ومنع من الصرف للتأنيث اللازم فإن كان مبنياً مع لا احتمل أن يكون الخبر { يَوْمَئِذٍ } و { للمجرمين } خبر بعد خبر أو نعت لبشرى أو متعلق بما تعلق به الخبر، وأن يكون { يَوْمَئِذٍ } صفة لبشرى والخبر { لّلْمُجْرِمِينَ } ويجىء خلاف سيبويه / والأخفش هل الخبر لنفس لا أو للمبتدأ الذي هو مجموع لا وما بنى معها. وإن كان في نية التنوين وهو معرب جاز أن يكون { يَوْمَئِذٍ } معمولاً لبشرى وأن يكون صفة والخبر { لّلْمُجْرِمِينَ } ، وجاز أن يكون { يَوْمَئِذٍ } خبراً { وللمجرمين } صفة، وجاز أن يكون { يَوْمَئِذٍ } خبراً و { لّلْمُجْرِمِينَ } خبراً بعد خبر والخبر إذا كان الاسم ليس مبنياً للا نفسها بالإجماع.

السابقالتالي
2 3 4