الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ } * { هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْمَلِكُ ٱلْقُدُّوسُ ٱلسَّلاَمُ ٱلْمُؤْمِنُ ٱلْمُهَيْمِنُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْجَبَّارُ ٱلْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { هُوَ ٱللَّهُ ٱلْخَالِقُ ٱلْبَارِىءُ ٱلْمُصَوِّرُ لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }

{ هُوَ اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ } أى الغائب أو ذا الغيب كله، ماضيه وحاضره ومستقبله، ما فى الدنيا وما فى الآخرة، والسر والإِعلان، و (الـ) للاستغراق وهو ما لم يتعلق به علم مخلوق فهو عالم بنفسه، وما تحت الأَرضين وما بداخل الأَرض وداخل كل جسم وما يتضمن الماء والأَرض والشجرة من الثمار وما يتضمن الحجر والشجر من النار وهكذا.

وقدم الغيب لتقدمه فى الوجود فى حق المخلوق فيما يحدث له علم به، أو لأَن علم الله تعالى به دليل على علمه بالشهادة، والغيب المطلق ما لا يتعلق به علم مخلوق ولا إِحساسه. والغيب المضاف ما لم يتعلق به علم مخلوق دون آخر. وفسر بعضهم الآية بالمطلق أمكن أن يعلم بعد أو لم يمكن وعلم بعد، أو لم يعلم. وتفسيرها بالأَعم أولى وقيل الغيب ما لا يقع عليه علم مخلوق من المعدوم أو الموجود الذى لا يدرك. وقيل الغيب ما لم يكن وبه قال أبو جعفر من آل البيت.

وقال الحسن الغيب السر وقيل الغيب الآخرة لأَنه لم يشاهد منها شئ { وَالشَّهَادَةِ } ما علمه بعض الخلق ولو جهله بعض أو ما علم مع الحضور بالبصر أو القلب. وقيل ما يقع عليه الإِدراك بالحس، وقال أبو جعفر الشهادة ما كان، وقال الحسن: العلانية. وقيل ما فى الدنيا وما لم يكن غيباً فهو شهادة وما لم يكن شهادة فغيب والمراد الشاهد أو ذا الشهادة { هُوَ الرَّحْمَنُ } فى الدنيا والآخرة { الرَّحِيمُ } لكل أحد إِلا من أبى فى الآخرة، فالرحمن لأَنه يرحم فى الدنيا من هو مؤمن، ومن هو كافر، وهذا كما قيل رحمن الدنيا ورحيم الآخرة { هُوَ اللهُ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ } تأْكيد للتوحيد إِذ لم يقل لا إِله إِلا الله { الْمَلِكُ } المتنزه تنزها عظيماً عن صفات الخلق والنقص الكامل فى أوصافه { السَّلاَمُ } ذو السلامة من كل نقص أو ترجى منه السلامة أو يسلِّمُ على عباده المؤمنين فيسلمون من كل مكروه ولا يتكرر مع القدوس إِذا فسر بالسلامة، لأَن القدوس من معنى السلامة على الإِطلاق من كل نقص، والسلام من السلامة أن يصيبه نقص بعد { الْمُؤْمِنُ } الذى يصير خلقه آمنين من جوره لانتفاء الجور عنه أو المؤمن بنفسه ورسله المصدق لهم بالمعجزات أو مؤمِّن خلْقَه السعداء من الفزع الأَكبر أو مخبرهم أن لا خوف عليهم، أو المصدق للمؤمنين فى قولهم آمنا، وفى شهادتهم على الناس يوم القيامة { الْمُهَيْمِنُ } مفيعل من الأَمن للمبالغة فيه كمسيطر وليس تصغيراً أو أخطأَ من قال إِنه تصغير فإِن التصغير لا يدخل أسماء الله تعالى.

ولعل مراد المبرد بقوله بالتصغير أنه على صورة التصغير، ومعناه الرقيب الحافظ لكل شئ؛ الذى لا يغيب عنه شئ.

السابقالتالي
2 3