الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنْكِحُواْ ٱلْمُشِرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَى ٱلْجَنَّةِ وَٱلْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }

قوله - تعالى { وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ } النكاح فى اللغة الضم وتداخل أجزاء الشىء بعضها فى بعض. ثم أطلق على العقد الذى به تكون العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة مشروعة. والمشرك فى لسان الشرع من يدين بتعدد الآلهة مع الله - تعالى - وأصله من الإِشراك بمعنى أن تجعل الشىء بينك وبين غيرك شركة، فمن يعبد مع الله - تعالى - إلها آخر يعد مشركاً، وهو فى الآخرة من الخاسرين. ويرى كثير من العلماء أن إطلاق كلمة مشرك، ومشركين، ومشركات فى القرآن الكريم تعنى عبدة الأوثان، وأنها صارت فى استعمال القرآن حقيقة عرفية فيهم، ولم يطلقها القرآن على اليهود والنصارى وإنما عبر عنهم بهذا الاسم أو بأهل الكتاب، أو بوصف الكفر دون الشرك كما فى قوله - تعالى -لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } وعليه فالمراد بالمشركات والمشركين فى الآية عبدة الأوثان. وذهب بعضهم إلى أن لفظ المشركات يشمل بمقتضى عمومه المرأة الوثنية، واليهودية، والنصرانية. وقد ترتب على هذا الخلاف فى إطلاق كلمة " مشرك " أن أصحاب الرأى الأول قالوا إن النهى فى الآية إنما هو عن زواج المشركات اللائى يعبدون الأوثان ولا كتاب لهن، وأنه يجوز - مع الكراهة - أن يتزوج المسلم الكتابية، لأن القرآن يقولٱلْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلْمُؤْمِنَاتِ وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ } الآية. ولأنه قد جاءت الروايات بأن بعض الصحابة قد تزوج بكتابيات. فعثمان بن عفان تزوج نصرانية ثم أسلمت، وطلحة بن عبيد الله وحذيفة بن اليمان تزوجا يهوديتين. أما من قال بالرأى الثانى فيرى حرمة الزواج بالوثنية واليهودية والنصرانية لأن لفظ المشركات يشملهن جميعا. وأصحاب هذا الرأى - كما يقول الآلوسى - يجعلون آية المائدة وهى قوله - تعالى -وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلْمُؤْمِنَات } منسوخة بالآية التى معنا نسخ الخاص بالعام.. وإلى هذا الرأى ذهب الإِمامية وبعض الزيدية. وروى عن عمر وعبد الله ابنه - رضى الله عنهما - أنهما حرما ذلك وفى رواية أنها كرهاه وهى الأصح. قال القرطبى وروى عن عمر أنه فرق بين طلحة بن عبيد الله وحذيفة بن اليمان وبين كتابيتين وقالا نطلق يا أمير المؤمنين ولا تغضب. فقال لو جاز طلاقكما لجاز نكاحكما ولكن أفرق بينكما صغرة قمأة. قال ابن عطيه وهذا لا يستند جيداً، وأسند منه أن عمر أراد التفريق بينهما فقال له حذيفة أتزعم أنها حرام فأخلى سبيلها يا أمير المؤمنين؟ فقال لا أزعم أنها حرام ولكن أخاف أن تعاطوا المومسات منهن. ثم قال القرطبى وكان ابن عمر إذا سئل عن نكاح الرجل النصرانية أو اليهودية.

السابقالتالي
2 3 4 5