الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ ٱللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُمْ مُّعْرِضُونَ }

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ } التوراة. والمراد بهم أحبار اليهود { يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ ٱللَّهِ } وهو القرآن { لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ } استبعاد لتوليهم بعد علمهم أن الرجوع إلى كتاب الله واجب، إذ قامت عليهم الحجج الدالة على تنزيله { وَهُمْ مُّعْرِضُونَ } حال من فريق، أي: معرضون عن قبول حكمه. أو اعتراض، أي: وهم قوم ديدنهم الإعراض عن الحق، والإصرار على الباطل. ومن المفسرين من حمل قوله: { يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ ٱللَّهِ } على التوراة، وأن الآية إشارة إلى قصة تحاكم اليهود إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم لما زنى منهم اثنان، فحكم عليهما بالرجم، فأبوا وقالوا: لا نجد في كتابنا إلا التحميم، فجيء بالتوراة فوجد فيها الرجم، فرجما، فغضبوا فشنع عليهم بهذه الآية. والله أعلم.

قال بعض المفسرين: وللآية ثمرتان:

الأولى: أن من دعي إلى كتاب الله وإلى ما فيه من شرع وجب عليه الإجابة. وقد قال العلماء رضي الله عنهم: يستحب أن يقول سمعاً وطاعة، لقوله تعالى:إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } [النور: 51].

الثمرة الثانية: أن الإسلام ليس بشرط في الإحصان، لأنه صلى الله عليه وسلم رجم اليهوديين، ونزلت الآية مقررة له. انتهى. أي: على القول بذلك، والله أعلم.