الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱبْتِغَآؤُكُمْ مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ }

{ ومن آياته } اى ومن اعلام قدرته تعالى على مجازاة العباد فى الآخرة { منامكم } مفعل من النوم اى نومكم الذى هو راحة لا بدانكم وقطع لاشغالكم ليدوم لكم به البقاء الى آجالكم { بالليل } كما هو المعتاد { والنهار } ايضا على حسب الحاجة كالقيلولة { وابتغاؤكم من فضله } وطلب معاشكم فيهما فان كلا من المنام وطلب القوت يقع فى الليل والنهار وان كان الاغلب وقوع المنام فى الليل والطلب فى النهار. وفيه اشارة الى الحياة بعد الممات فانها نظير الانتباه من المنام والانتشار للمعاش وفى المثنوى
نوم ماجون شداخ الموت اى فلان زين برادر آن برادررا بدان   
وقدم الليل على النهار لان الليل لخدمة المولى والنهار لخدمةالخلق ومعارج الانبياء عليهم السلام كانت بالليل ولذا قال النيسابورى الليل افضل من النهار. يقول الفقير الليل محل السكون وهو الاصل والنهار محل الحركة وهو الفرع كما اشار اليه تعالى فى قولهكنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق } اذ الخلق يقتضى حركة معنوية وكان ما قبل الخلق سكونا محضا يعنى عالم الذات البحت. قال بعض الكبار لم يقل تعالى وبالنهار ليتحقق لنا ان يريد اننا فى منام فى حال يقظتنا المعتادة اى انتم فى منام ما دمتم فى هذه الدار يقظة ومناما بالنسبة لما امامكم فهذا سبب عدم ذكر الباء فى قوله والنهار والاكتفاء بباء الليل انتهى يعنى لو قيل وبالنهار كان لا يتعين فيه ذلك لجواز ان يكون الجار والمجرور معمولا لمحذوف معطوف على المبتدأ تقديره ويقظتكم بالنهار ثم حذف لدلالة معموله او مقابله عليه كقوله. علفتها تبنا وماء باردا. اى وسقيتها ماء باردا { ان فى ذلك } الامر العظيم العلى المرتبة من ايجاد النوم بعد النشاط والنشاط بعد النوم الذى هو الموت الاصغر وايجاد كل من الملوين بعد اعدامهما والجد فى الابتغاء مع المفاوتة فى التحصيل { لآيات } عديدة على القدرة والحكم لا سيما البعث { لقوم يسمعون } اى شأنهم ان يسمعوا الكلام من الناصحين سماع من انتبه من نومه فجسمه مستريح نشيط وقلبه فارغ عن مكدر للنصح مانع قبوله. وفيه اشارة الى ان من لم يتأمل فى هذه الآيات فهو نائم لا مستيقظ فهو غير مستأهل لان يسمع قال الشيخ سعدى قدس سره
كسى راكه بندار درسر بود ميندار هر كزنكه حق بشنود زعلمش ملال آيد ازوعظ ننك شقايق بباران نرويد بسنك كرت در درياى فضلست خيز بتذكير درباى درويش ريز نه بينى كه درباى افتاده خار برويد كل وبشكفد نوبهار   
وقال الحافظ
جه نسبت است برندى صلاح وتقوى را سماع وعظ كجا نغمة رباب كجا   
قال فى برهان القرآن ختم الآية بقوله { يسمعون } فان من سمع ان النوم من صنع الله الحكيم لا يقدر احد على احتلابه اذا امتنع ولا على دفعة اذا امتنع ولا على دفعة اذا ورد تيقن ان له صانعا مدبرا.

السابقالتالي
2