قوله: { وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالبَصِيرُ } وهذا تبع للكلام الأول: { وَمَا يَسْتَوِي البَحْرَانِ هذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَآئِغٌ شَرَابُهُ وَهذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ } ، { وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ } ، { وَلاَ الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ وَلاَ الظِّلُّ وَلاَ الْحَرُورُ وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَآءُ وَلاَ الأَمْوَاتُ } وهذا كله مثل للمؤمن والكافر؛ كما لا يستوي البحران العذب والمالح وكما لا يستوي الأعمى والبصير وكما لا تستوي الظلمات والنور فكذلك لا يستوي المؤمن والكافر. قوله: { وَلاَ الظِّلُّ وَلاَ الْحَرُورُ } يعني ظلّ الجنة، والحرور، يعني النار. وقوله: { وَمَا يَسْتَوِى الأَحْيَآءُ وَلاَ الأَمْوَاتُ } الأحياء هم المؤمنون، أي: الأحياء في الدين كقوله:{ أَوَمَن كَانَ مَيْتاً } [الأنعام: 122] أي: كافراً{ فَأَحْيَيْنَاهُ } [الأنعام: 122] أي: بالإِيمان والأموات هم الكفار، أي: أموات في الدين. { إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ } أي: يهديه للإِيمان { وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي القُبُورِ } أي: وما أنت بمسمع الكفار، أي: هم بمنزلة الأموات من أهل القبور لا يسمعون منك الهدى سمع قبول، أي: لا يقبلون منك ما تدعوهم إليه كما أن الذين في القبور لا يسمعون. قال: { إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِيرٌ } أي: تنذر الناس، ليس عليك غير ذلك، والله يهدي من يشاء، أي: يمنّ عليه بالقبول لما يدعوه إليه من دين الله فيقبله. { إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ } أي: بالقرآن { بَشِيراً وَنَذِيراً } أي: بشيراً بالجنة ونذيراً من النار { وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ } [يعني الأمم الخالية كلها قد خلت فيهم النذر]. وقال بعضهم: [أي: وإن من أمة ممن أهلكنا إلا خلا فيها نذير]. يحذّر المشركين أن ينزل بهم ما نزل بهم إن كذبوا النبي صلى الله عليه وسلم كما كذّبت الأُممُ رسلَها.