الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُواْ ٱلْحَقَّ وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْكَبِيرُ }

{ ولا تَنْفع الشفاعة عنْدهُ } شفاعة آلهتهم، أى لا شفاعة لهم لأحد، فضلا عن أن تنفع أحدا منكم أو من غيركم:
على لاحب لايهتدى بمناره   
أى لا منار فيه فضلا عن أن يهتدى به، ولم يذكر الضر لدخوله بأن ازالته نفع، فذكر الشفاعة كاف، لأنه موضوع للإزالة، ولو ذكر لكان كالتكرار، ولم يقع ولا تقع الشفاعة تصريحا بنفى ما هو غرضهم منها وهو النفع { إلا لمَن أذِنَ } الله { لـه } استثناء منقطع، كما علمت أن المراد بما قبله أن آلهتهم لا تشفع لهم ولا لغيرهم، وإن قلنا: المعنى لا تنفع الشفاعة عن شىء ما، لشىء ما، إلا لمن أذن له كان مفرغا، وهو متصل، ومن واقعة على المشفوع له، واللام الأولى للاستحقاق، والثانية للتعليل، أو بمعنى فى أى إلا لمن أذن الله فيه بها، ولا تقع من على الشافع، أى للشافع الذى أذن الله له، فالهاء للشافع إلا باعتبار أن قبول شفاعة الشافع نفع له، والمتبادر كما لا يخفى أن النفع للمشفوع له، وزعم بعض أن اللام الأولى للتعليل، وعلى كل حال لا تقع الشفاعة للمشركين، لأنه لا يؤذن لمن يشفع لهم، والشافع الملائكة والأنبياء والأولياء.

{ حتى إذا فُزِّع عَن قُلوبِهِم } أزيل الفزع عنها، فان من معا التفعيل السلب، كقردت البعير، أى أزلت قراده، كما بسطته فى شرح لامية ابن مالك، وحتى للابتداء، ولا تخلو عن غاية أى يبقى أهل القيامة على انتظار أن يكون شافع ومشفوع له، وقبول الشفاعة متحيرين، حتى اذا فزع عن قلوبهم { قالُوا } قال بعض وهم المشفوع لهم، لبعض وهم الشافعون، أو قال المشفوع لهم بعض لبعض، أو ضمير قلوبهم للمشفوع لهم، فكذا ضمير قالوا { ماذا قال ربُّكم قالُوا الحَقَّ } قالوا قال الحق فى الدنيا على ألسنة الرسل، يقول الكفار المشفوع لهم ذلك إقرارا، أو يقوله الشافعون المحقون.

ومعنى كون الكفار مشفوعا لهم أنهم طلبوا الشفاعة، وكون أهل الحق شافعين أنه طلب منهم أن يكونوا شافعين { وهُو العَلى الكَبيرُ } من كلام المؤمنين الشافعين، الذين يشفعون لسائر المؤمنين، حمدوا الله بهذه الجملة بعد الإذن لهم فى الشفاعة، بأنه الغاية فى العظمة، لا كلام لأحد إلا باذنه، وزعم بعض أن ضمير قلوبهم للملائكة، وخص الشفاعة بهم، وجعل ضمير قالوا الأول لهم أيضا، والثانى للملائكة الذين فوقهم، وهم الذين يبلغون ذلك إليهم، وفزعهم لهول المقام، أو لخوف التقصير فى تعيين المشفوع لهم، على انه جاءهم الاذن فى الشفاعة اجمالا، وفيه أنه لا يتبادر ذلك من الآية، وأن الملائكة الذين فوقهم أحق بالشفاعة، اللهم إلا أن يقال: قدموا لأنهم الذين يلون أمر بنى آدم في الدنيا.

السابقالتالي
2