الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ذَلِكَ ٱلَّذِي يُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ }

{ ذلك } الفضل الكبير، أو ذلك الذى عبر عنه بالفضل الكبير، وهو الثواب { الَّذي } خبر { يبشِّر الله عبادَهُ الَّذين آمنُوا وعَمِلوا الصالحات } به فحذف الرابط، والحرف معه دفعه لظهور المعنى كما هو قول، وعلى ما شهر من اشتراط جر الموصول بمثله وتعليقه بمثل متعلقه، كقوله: وبشرب مما تشربون، يحذف الجار، وينتصب مجروره انتصاب المعفول به، الصريح، فيحذف قيل، ويجوز أن تكون الاشارة الى التبشير، ورابط الموصول ضمير محذوف هو مفعول مطلق أى يبشره كما تقول: القيام قمته، وفيه ضعف، لأنه لا دليل على أن لفظ ذلك واقع على التبشير، ولو قلت ذلك الذى ضربته، وأردت ذلك الضرب الذى ضربته، لم يفهم عنك، فلم يقبل فلا تغفل، ولا يلزم استحضار أن ما تقدم تشير للمؤمنين، فيكفى دليلا، ولما لم يوجد الرابط إلا بما تقدم من التقدير، ولا سيما أن النصب على نزع الجار، لا يحسن تعمده، أو التخريج عليه الا الضرورة، ادعى بعض أن الذى هنا حرف مصدر، وأن المعنى ذلك تبشير الله، وليس كذلك.

{ قل } يا محمد لقريش على الصحيح، وقيل: للأنصار، وقيل: للناس كلهم، يحب بعض بعضا لقرابة النسب بينهم { لا أسألُكم عَليْه } على القرآن، أو على التبليغ والبشارة للمؤمنين ولغيرهم إن آمن، والأولى الاقتصار على التبليغ { أجراً } عوضاً من مال جاه أو نفع ما { إلا المودَّة } أن تؤدونى أى تحبونى فيؤثر فيكم تبليغى { في القُربى } لأجل القربى أو بسببها، وهى قرابة النسب إن لم تراعوا أخوة النبوة فلا أقل من أن تراعوا حق النسب، وتحفظوبى، ولا يكن غيركم من العرب أولى بنصرتى منكم، وقيل إلا محبتكم فى أهل بيتى، وفى على هذا للظرفية المجازية، والقربى بمعنى الأقرباء، والجار والمجرور حال أى ثابتة فيهم ممكنة، وعلى السببية تتعلق بمودة، وقيل مثل ما مر، وقيل المعنى الا محبة بعضكم للقرابة، وقيل إلا التقرب الى الله بالعمل الصالح.

قال ابن عباس رضى الله عنهما: إلا رعاية حقوقى لقرابتى، كما روى البخارى ومسلم، قال ابن عباس: لا بطن فى قريش إلا وفيهم قرابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، جمع قريش ما لا ليرشوه صلى الله عليه وسلم على ترك ما يأتيهم به من دين الله، فنزلت الآية، وقيل: أتاه الأنصار بمال ليستعين به على ما ينوبه فنزلت الآية، فرده على أن الآية مدنية، وأما على أنها مكية فأرسلوه اليه فى احدى العقبات الثلاث، وفى الأنصار قرابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنهم أخواله، فان أم عبد المطلب سلمى بنت زيد النجارية منهم، وكذا أخوال أمه آمنة من الأنصار، وقد قيل قرابته فى جميع العرب، لأنهم إما عدنانيون ومنهم قريش، وإما قحطانيون ومنهم الأنصار وقضاعة، وفى الترمذى والنسائى، عن زيد بن أرقم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

السابقالتالي
2