الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً }

{ وَقَالُوا لاَ تَذرُنَّ آلِهَتَكُمْ } لا تتركوا احترامها وعبادتها إِلى عبادة رب نوح. { وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً }... الخ. ذكر خاص بعد عام لمزية هذا الخاص عندهم فإِن هذه الخمسة أعظم آلهتهم والثلاثة الأَولى أيضاً أفضل الخمسة ولذلك كانت بإِعادة لا، وقيل لم يُعِدْ لا مع الأَخيرين لكثرة تكرار لا، وعدم اللبس لظهور أن السلب كلى لا كل، ولو لم تتكرر، ويذكر الخاص قبل العام أيضاً لمزيته نحو قام زيد والقوم وكانت أسماؤها أسماء لرجال صالحين من قوم نوح عليه السلام ماتوا فنصب من بعدهم أنصاباً فى مجالسهم وسموها بأَسمائهم ليجتهدوا فى العبادة إِذا رأوها وتذكروهم وذلك بوسوسة الشيطان، ومات هؤلاء الناصبون أيضاً، واندرس العلم فعبدت بقوله بعد ذلك النصب إِن من قبلكم كان يعبدها، وقال محمد بن كعب القرظى أسماء لخمسة بنين من ولد آدم عباد فمات واحد منها فحزنوا وقال لهم الشيطان أصور لكم مثله فى قبلتكم تذكرونه إِذا رأيتموه قالوا: لا نصلى إِلى شئ. قال: نصوره آخر المسجد، فرضوا ففعل، ولما مات الأَربعة صورهم أيضاً فى مؤخرة وما زال أمر دينهم ينقص حتى عبدوها وتركوا عبادة الله عز وجل فأَرسل الله إِليهم نوحاً، وذكر عروة بن الزبير أن وداً كان أكبرهم وأبرُّهم لأَبيه آدم، ويروى أن وداً أول معبود غير الله، ويروى أنه كان رجلا مسلماً محبباً فى قومه مات فعسكروا حول قبره فى بابيل وجزعوا، فقال لهم إِبليس فى صورة إِنسان: اصور لكم مثله يكون فى ناديكم فتذكرونه ففعل، ثم قال أجعل لكل أحد منكم مثله فى بيته ففعل، فهم يذكرونه فدرس العلم ثم عبد الذرية تلك الصور وانتقلت هذه الأَصنام إِلى العرب فكان ود على صورة رجل لكلب بدومة الجندل. { وَلاَ سُوَاعاً } هو على صورة امرأة انتقل إِلى هذيل. { وَلاَ يَغُوثَ } على صورة أسد انتقل إِلى مراد ثم لبنى غطيف بالجرف عند سبأَ قال أبو عثمان النهدى: رأيت يغوث من رصاص يحمل على جمل أجرد يسيرون معه ولا يهيجونه ولا ينزلون إِلا حيث برك وحده بلا مبرك فينزلون فيقولون: قد رضى لكم المنزل.

وعن ابن عباس كانت هؤلاء الأَصنام الخمسة مدفونة فأَخرجها الشيطان للمشركين من العرب وكانت لهم أصنام أخر: اللات لثقيف، والعزى لسليم وغطفان وجشم، ومناة لخزاعة بقديد، وإِساف ونائلة وهبل لأَهل مكة ويسمون بعبدِ وُدّ، وعبد يغوث، وعبد العزى ونحو ذلك. { وَيَعُوقَ } على صورة فرس انتقل إِلى همدان. { وَنَسْراً } على صورة نسر انتقل إِلى حمير لآل ذى الكلاع، وما ذكر أنها على صورة ما ذكر مخالف لما ذكر أنها على صورة ناس صالحين وهو الأَصح إِلا وداً فإِنه على صورة رجل وليست باقية على أعيانها بل يصور مثلها أو بقيت الأَسماء فاتخذت العرب أصناماً بأَسمائها إِلا أنه أخرجت الإِفرنج فى حدود الأَلف والمائتين والستين أصناما وتماثيل من أرض الموصل كانت منذ نحو ثلاثة آلاف سنة.