الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَآ أَن يَتَرَاجَعَآ إِن ظَنَّآ أَن يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } * { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوۤاْ آيَاتِ ٱللَّهِ هُزُواً وَٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَآ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ ٱلْكِتَابِ وَٱلْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

قوله: { فَإِن طَلَّقَهَا } أي الثالثة { فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ }. ذكر بعضهم " أن تميمه بنت عبيد بن وهب القرظية كانت تحت رفاعة القرظي فطلقها ثلاثاً. فخلف عليها عبد الرحمن بن الزبير، ثم طلقها. فأتت النبي عليه السلام فسألته: هل ترجع إلى زوجها. فقال: هل غشيك؟ فقالت: ما كان ما عنده بأغنى عنه من هدبة ثوبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، حتى تذوقي عسيلة غيره. فقالت: يا رسول الله، قد غشيني، فقال: اللهم إن كانت كاذبة فاحرمها إياه " فأتت أبا بكر بعده فلم يرخص لها. ثم أتت عمر فلم يرخص لها.

قوله: { فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا } [أي إن أيقنا] { أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ }. قال ابن عباس والحسن: يعني المختلعة. رجع إلى قصتهما. قال: { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ }. قال: هذه الآية مثل قوله في الآية الأولى: { وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَآ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ }.

وتفسير قول الحسن: إن أخذه الفداء تطليقة بائنة؛ يعني بقوله: { فَإِن طَلَّقَهَا } أي فإن خالعها؛ وهو قول العامة في الخلع.

وكان ابن عباس لا يرى الخلع طلاقاً، يراها تحرم عليه بدون طلاق؛ ويقول: قال الله: { فَإِن طَلَّقَهَا } يقول: طلقها طلاقاً، ويذكر أن النبي عليه السلام قال لثابت بن قيس: " شاطرها الصداق وطلقها " والعامة على قول الحسن: إن الفداء طلاق ويذكر عن النبي وعن عثمان بن عفان.

وبعضهم يفسّرها: { فَإِن طَلَّقَهَا } يعني الزوج الآخر { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا } على المرأة والزوج الأول الذي طلقها ثلاثاً أن يتراجعا إن أحبا. وفي تفسيرهم: فإن طلقها، أو مات عنها، فلا جناح عليهما أن يتراجعا.

قال: { وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }.

قوله: { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } أي ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة إن كانت ممن تحيض في قول أهل العراق، وفي قول أهل المدينة إذا رأت الدم. وقد فسّرناه قبل هذا الموضع. وإن كانت ممن لا تحيض فما لم تنقض الثلاثة أشهر، وإن كانت حاملاً فما لم تضع حملها.

وأما قوله: { أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } فإن العدة إِذا انقضت قبل أن يراجعها زوجها فهو التسريح.

قوله: { وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } كان الرجل يطلق امرأته ثم يدعها حتى إذا كان عند انقضاء عدتها راجعها ولا حاجة له فيها، ثم يطلقها؛ فإذا كان عند انقضاء عدتها راجعها. ثم يطلقها، يكون ذلك لتسعة أشهر ليطوّل عليها بذلك، فنهى الله عن ذلك.

السابقالتالي
2