الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وٱلصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَىٰ وَقُومُواْ للَّهِ قَٰنِتِينَ }

اللغة: الحفظ ضبط الشيء في النفس ثم يشبه به ضبطه بالمنع من الذهاب والحفظ خلاف النسيان وأحْفظه أغْضبه لأَنه حفظ عليه ما يكرهه ومنه الحفيظة الحمية والحفاظ المحافظة والوسطى تأنيث الأَوسط وهو الشيء بين الشيئين على جهة الاعتدال وأصل القنوت الدوام على أمر واحد وقيل أصلـه الطاعة وقيل أصلـه الدعاء في حال القيام قال علي بن عيسى والأَول لحسن تصرفه في الباب لأَن المداوم على الطاعة قانت وكذلك المداوم في صلاته على السكوت إلا عن الذكر المشروع وكذلك المداوم على الدعاء ويقال فلان يقنت عليه أي يدعو عليه دائماً. النزول: عن زيد بن ثابت أن النبي كان يصلي بالـهاجرة وكانت أثقل الصلوات على أصحابه فلا يكون وراءه إلا الصف أو الصفان فقال: " لقد هممت أن أحرق على قوم لا يشهدون الصلاة بيوتهم " فنزلت هذه الآية. المعنى: لما حث الله سبحانه على الطاعة خص الصلاة بالمحافظة عليها لأَنها أعظم الطاعات فقال { حافظوا على الصلوات } أي داوموا على الصلوات المكتوبات في مواقيتها بتمام أركانها ثم خص الوسطى تفخيماً لشأنها فقال { والصلاة الوسطى } كقولـه سبحانهمن كان عدوا للـه وملائكته ورسلـه وجبريل وميكال } [البقرة: 98] أي والصلاة الوسطى خاصة فداوموا عليها ثم اختلف في الصلاة الوسطى على أقوال: أحدها: أنها صلاة الظهر عن زيد بن ثابت وابن عمر وأبي سعيد الخدري وأسامة وعائشة وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وذكر بعض أئمة الزيدية أنها الجمعة يوم الجمعة والظهر سائر الأَيام ورواه عن علي ويدل عليه سبب نزول هذه الآية وهو أنها وسط النهار وأول صلاة فرضت وروي عن علي قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن للـه في السماء الدنيا حلقة تزول فيها الشمس فإذا زالت الشمس سبح كل شيء لربنا " فأمر الله سبحانه بالصلاة في تلك الساعة وهي الساعة التي تفتح فيها أبواب السماء فلا تغلق حتى يصلى الظهر ويستجاب فيها الدعاء. وثانيها: إنها صلاة العصر عن ابن عباس والحسن وروي ذلك عن علي وابن مسعود وقتادة والضحاك وروي ذلك عن أبي حنيفة وروي مرفوعاً إلى النبي، قالوا لأنها بين صلاتي النهار وصلاتي الليل وإنما خصت بالذكر لأَنها تقع في وقت اشتغال الناس في غالب الأَمر وروي عن النبي أنه قال: " الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وُتِر أهلـه ومالـه " وروى بريدة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " بكروا بالصلاة في يوم الغيم فإنه من فاتته صلاة العصر حبط عملـه ". وثالثها: أنها المغرب عن قبيصة بن ذؤيب قال لأَنها وسط في الطول والقصر من بين الصلوات وروى الثعلبي بإسناده عن عائشة قالت قال رسول الله:

السابقالتالي
2