الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ ٱمْرِىءٍ بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ } * { وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ } * { يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ } * { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ }

قوله تعالى: { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم } قرأ العامة { وَٱتَّبَعَتْهُمْ } بوصل الألف وتشديد التاء وفتح العين وإسكان التاء. وقرأ أبو عمرو «وَأَتْبَعْنَاهُمْ» بقطع الألف وإسكان التاء والعين ونون ٱعتباراً بقوله: «أَلْحَقْنَا بِهِمْ» ليكون الكلام على نسق واحد. فأما قوله: { ذُرِّيَّتُهُم } الأولى فقرأها بالجمع ٱبن عامر وأبو عمرو ويعقوب ورواها عن نافع إلا أن أبا عمرو كسر التاء على المفعول وضم باقيهم. وقرأ الباقون «ذُرِّيَّتُهُم» على التوحيد وضم التاء وهو المشهور عن نافع. فأما الثانية فقرأها نافع وٱبن عامر وأبو عمرو ويعقوب بكسر التاء على الجمع. الباقون «ذُرِّيَّتَهُمْ» على التوحيد وفتح التاء. وٱختلف في معناه فقيل عن ٱبن عباس أربع روايات: الأولى أنه قال: إن الله ليرفع ذرية المؤمن معه في درجته في الجنة وإن كانوا دونه في العمل لتقَرَّ بهم عينه، وتلا هذه الآية. ورواه مرفوعاً النحاس في «الناسخ والمنسوخ» له عن سعيد بن جبير عن ٱبن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله عز وجل ليرفع ذرية المؤمن معه في درجته في الجنة وإن كان لم يبلغها بعمله لتقرَّ بهم عينه» ثم قرأ { وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْوَأَتْبَعْنَـٰهُم ذُرِّيَّاتِهِم بِإِيمَـٰنٍ } الآية. قال أبو جعفر: فصار الحديث مرفوعاً عن النبيّ صلى الله عليه وسلم وكذا يجب أن يكون لأن ٱبن عباس لا يقول هذا إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه إخبار عن الله عز وجل بما يفعله وبمعنى أنه أنزلها جل ثناؤه. الزمخشري: فيجمع الله لهم أنواع السرور بسعادتهم في أنفسهم، وبمزاوجة الحور العين، وبمؤانسة الإخوان المؤمنين، وبٱجتماعِ أولادهم ونسلهم بهم. وعن ٱبن عباس أيضاً أنه قال: إن الله ليلحِق بالمؤمن ذرّيته الصّغار الذين لم يبلغوا الإيمان قاله المهدوي. والذرية تقع على الصغار والكبار، فإن جعلت الذرية ها هنا للصغار كان قوله تعالى: «بِإِيمَانٍ» في موضع الحال من المفعولين، وكان التقدير «بِإِيمَانٍ» من الآباء. وإن جعلت الذرية للكبار كان قوله: «بِإِيمَانٍ» حالاً من الفاعلين. القول الثالث عن ٱبن عباس: أن المراد بالذين آمنوا المهاجرون والأنصار والذرية التابعون. وفي رواية عنه: إن كان الآباء أرفع درجة رفع الله الأبناء إلى الآباء، وإن كان الأبناء أرفع درجة رفع الله الآباء إلى الأبناء فالآباء داخلون في ٱسم الذريّة كقوله تعالى:وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } [يسۤ: 41]. وعن ٱبن عباس أيضاً يرفعه إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: " إذا دخل أهل الجنة الجنة سأل أحدهم عن أبويه وعن زوجته وولده فيقال لهم إنهم لم يدركوا ما أدركت فيقول يا ربّ إني عملت لي ولهم فيؤمر بإلحاقهم به "

السابقالتالي
2 3