الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ فَقَالُوۤاْ أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ إِنَّآ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ }

قوله: { أَبَشَراً }: منصوبٌ على الاشتغالِ، وهو الراجحُ، لتقدُّم أداةٍ هي بالفعل أَوْلَى، " ومِنَّا " نعتٌ له. و " واحداً " فيه وجهان، أظهرهما: أنه نعتٌ لـ " بَشَراً " إلاَّ أنه يُشْكِلُ عليه تقديمُ الصفةِ المؤولة على الصريحة. ويُجاب: بأنَّ " مِنَّا " حينئذ ليس وَصْفاً بل حالٌ من " واحداً " قُدِّمَ عليه. والثاني: أنه نصبٌ على الحالِ من هاء " نَتَّبِعُه " وهو تخلُّصٌ من الإِعرابِ المتقدِّم. إلاَّ أنَّ المُرجِّحَ لكونه صفةً قراءتهما مرفوعَيْنِ: أبَشرٌ مِنا واحد نَتَّبِعُهُ على ما سيأتي فهذا يُرَجِّحُ كونَ/ " واحداً " نعتاً لـ " بشراً " لا حالاً. وقرأ أبو السَّمَّال ـ فيما نقل الهذلِيُّ والدانيُّ ـ برفعِهما على الابتداء، و " واحدٌ " صفتُه " ونَتَّبعهُ " خبرُه. وقرأ أبو السَّمَّال أيضاً، فيما نَقَل ابن خالويه وأبو الفضل وابن عطية برفع " بَشَرٌ " ونصب " واحداً " وفيه أوجهٌ، أحدُها: أن يكونَ " أبَشَرٌ " مبتدأًً، وخبرُه مضمر، تقديره: أَبَشَرٌ منا، يُبْعَثُ إلينا أو يُرْسَلُ. وأمَّا انتصابُ " واحداً " ففيه وجهان، أحدهما: أنَّه حالٌ من هاء بالابتداءِ أيضاً، والخبر " نَتَّبِعُه " و " واحداً " حالٌ على الوجهَيْن المذكورَين آنفاً. الثالث: أنه مرفوعٌ بفعلٍ مضمر مبني للمفعول تقديره: أيُنَبَّأُ بَشَرٌ و " مِنَّا " نعتٌ و " واحداً " حالٌ أيضاً على الوجهَيْن المذكورَيْن آنفاً. وإليه ذهبَ ابنُ عطية.

قوله: { وَسُعُرٍ } يجوزُ أن يكون مفرداً، أي: جنون. يقال: ناقةٌ مَسْعُورة، أي: كالمجنونة في سَيْرها. قال الشاعر:
4163ـ كأنَّ بها سُعْراً إذا العِيْسُ هَزَّها   ذَمِيْلٌ وإرْخاءٌ من السير متعبُ
وأَنْ يكونَ جمعَ سَعير، وهو النار، والاحتمالان منقولان.