الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَبَشِّرِ ٱلَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَٰرُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـٰذَا ٱلَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَٰبِهاً وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَٰجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ }

قوله تعالىٰ: { وَبَشِّرِ الَّذينَ ءَامَنُوا } أي أخبر والبشارة كل خبر صدق تتغير به بشرة الوجه، ويستعمل في الخير والشر، وفي الخير أغلب { وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ } أي الفعلات الصالحات يعني المؤمنين الذين من أهل الطاعات، قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: { وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ } أي: أخلصوا الأعمال كما قال:فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَـٰلِحاً } [الكهف: 110] أي خالياً عن الرياء. قال معاذ: العمل الصالح الذي فيه أربعة أشياء. العلم، والنية، والصبر، والاخلاص. { أَنَّ لَهُمْ جَنَّـٰتٍ } جمع الجنة، والجنة البستان الذي فيه أشجار مثمرة، سميت بها لاجتنانها وتسترها بالأشجار. وقال الفراء: الجنة ما فيه النخيل، والفردوس ما فيه الكرم. { تَجْرِى مِن تَحْتِهَا } أي: من تحت أشجارها ومساكنها { ٱلأَنْهَـٰرُ } أي المياه في الأنهار لأن النهر لا يجري، وقيل من تحتها أي: بأمرهم لقوله تعالىٰ حكاية عن فرعون:وَهَـٰذِهِ ٱلأَنْهَـٰرُ تَجْرِى مِن تَحْتِى } [الزخرف: 51] أي بأمري والأنهار جمع نهر سمي به لسعته وضيائه. ومنه النهار. وفي الحديث: " أنهار الجنة في غير أخدود " { كُلَّمَا } متى ما { رُزِقُواْ } أطعموا { مِنْهَا } أي من الجنة { مِن ثَمَرَةٍ } أي ثمرة و { مِن }: صلة، { رِّزْقاً } طعاماً { قَالُواْ هَـٰذَا ٱلَّذِى رُزِقْنَا مِن قَبْلُ } وقبل رفع على الغاية. قال الله تعالىٰ:لِلَّهِ ٱلأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ } [الروم: 4]، قيل: من قبل في الدنيا وقيل: الثمار في الجنة متشابهة في اللون، مختلفة في الطعم، فإذا رزقوا ثمرة بعد أخرى ظنوا أنها الأولى { وَأُتُواْ بِهِ } بالرزق { مُتَشَـٰبِهاً } قال ابن عباس ومجاهد والربيع: متشابهاً في الألوان، مختلفاً في الطعوم. وقال الحسن وقتادة: متشابهاً. أي يشبه بعضها بعضاً في الجودة، أي: كلها خيار لا رذالة فيها. وقال محمد بن كعب: يشبه ثمر الدنيا غير أنها أطيب. وقيل: متشابهاً في الاسم مختلفاً في الطعم. قال ابن عباس رضي الله تعالىٰ عنهما: ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسامي. أنا أبو أحمد بن عبد الله الصالحي أنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي أنا أبو عبد الله محمد ابن عبد الله الصفار أنا أحمد بن محمد بن عيسى البرتي أنا محمد بن كثير أنا سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أهل الجنة يأكلون ويشربون ولا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون ولا يبزقون، يلهمون الحمد والتسبيح، كما تلهمون النَّفَس، طعامهم الجشاء، ورشحهم المسك ". قوله تعالىٰ: { وَلَهُمْ فِيهَآ } في الجنان { أَزْوَٰجٌ } نساء وجواري يعني من الحور العين { مُّطَهَّرَةٌ } من الغائط، والبول، والحيض، والنفاس، والبصاق، والمخاط والمني، والولد، وكل قذر. قال إبراهيم النخعي: في الجنة جماع ما شئت ولا ولد.

السابقالتالي
2 3