الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ مِّمَّا خَطِيۤئَاتِهِمْ أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَاراً فَلَمْ يَجِدُواْ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَنصَاراً }

قوله: { مِّمَّا خَطِيۤئَاتِهِمْ }: " ما " مزيدةٌ بين الجارِّ ومجرورِه توكيداً. ومَنْ لم يَرَ زيادتَها جَعَلها نكرةً، وجَعَلَ " خطيئاتِهم " بدلاً، وفيه تعسُّفٌ. وتقدَّم الخلافُ في قراءةِ " خَطِيْئاتِهم " في الأعراف. وقرأ أبو رجاء " خَطِيَّاتهم " جمعَ سلامةٍ، إلاَّ أنَّه أَدْغَمَ الياءَ في الياءِ المنقلبةِ عن الهمزةِ. والجحدريُّ ـ وتُرْوى عن أُبَيّ ـ " خطيئتِهم " بالإِفراد والهمز. وقرأ عبد الله " مِنْ خطيئاتِهم ما أُغْرِقوا " فجعلَ " ما " المزيدةَ بين الفعلِ وما يتعلَّق به. و " مِنْ " للسببيَّةِ تتعلَّقُ بـ " أُغْرِقوا ". قال ابن عطية: " لابتداء الغاية " ، وليس بواضح. وقرأ العامَّةُ " أُغرِقوا " مِنْ أَغْرق. وزيد بن علي " غُرِّقوا " بالتشديدِ، وكلاهما للنَّقْلِ. تقول: أغرَقْتُ زيداً في الماء، وغَرَّقْتُه فيه.

قوله: { فَأُدْخِلُواْ } يجوز أَنْ يكونَ من التعبيرِ عن المستقبلِ بالماضي، لتحقُّقِ وقوعِه، نحو:أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ } [النحل: 1] وأَنْ يكونَ على بابِه، والمرادُ عَرْضُهم على النار في قبورِهم، كقولِه في آلِ فرعونَ:ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً } [غافر: 46].