الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَبَشِّرِ ٱلَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَٰرُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـٰذَا ٱلَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَٰبِهاً وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَٰجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ } * { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ ٱلْفَٰسِقِينَ }

{ وَبَشِّرِ الَّذِينَ ءَامَنُوا } بالله، وبأن القرآن منه، عز وجل، أخبرهم إخبارا يظهر الفرح بها على أبشارهم، أى جلودهم، والتبشير أخص من الإخبار، لأنه أولا بالخير، والإخبار أولا وغير أول، وبالخير وغيره { وَعَمِلُوا الصَّٰلِحَٰتِ } من الفرائض ولا بد، أو مع النقل إن كان، ومن العمل الصالح ترك المعاصى، لأن تركها جبذ النفس عنها، وهو عمل إن قارن جبذها عمل الجارحة، وذلك الترك تقوى، ومن التقوى أداء الفرض، وأل فى الصالحات للجنس فتصدق بعملين، وبعمل واحد فى شأن من لم يدرك من حين كلف إلا ذلك، كمن بلغ ومات عن قريب، أو أسلم كذلك، أو مات قبل نزول سائر الفرائض، ومن عمل قليلاً فجنّ، ولا يخفى أنه من مات قبل أن يعمل شيئاً ما من الأعمال لسرعة موته أو نحوه يدخل الجنة { أَنَّ لَهُمْ } أى بأن لهم، أو ضمن بشر معنى الإِعلام { جَنَّٰتٍ } حدائق، فيها كل صنف من الثمار حت ما لا يؤكل، كالحنظل يحلوفيها، وفيها مساكن وقصور { تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا } تحت أشجارها ومساكنها، والجنة الأرض كما رأيت، بتقدير مضاف، وإن شئت فلا تقدر، بل اردد الضمير إلى الأرض، والمراد به الأشجار استخداما، وإن أريد الأرض والشجر فالضمير عائد إليها باعتبار جزئها، أو تحتها جانبها { الأَنْهَٰرُ } تنبع من تحتها، ولم تجىء من محل آخر، أو جاءت من بحر غائرة فى الأرض حتى إذا وصلت الجنات نبعث ظاهرة، وجرت على وجه الأرض فى غير أخدود، وحصباؤها درّ وياقوت، أو بعض تجرى من بعيد تحتها، وبعض تنبع تحتها، والنهر والبحر أرض، وذلك لأن الماء ينهره، أى يوسعه، والجرى للماء، وأسند لمحله، والنهر مجمع الماء الذى يجرى الماء منه إلى غيره، وإن قلنا النهر الماء الجارى فى متسع فلا مجاز، وأل للحقيقة، أو للعهد فى قوله، فيها أنهار، أو نابت عن الضمير { كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا } من الجنات { مِنْ ثَمَرَةٍ } حال من قوله { رِّزْقاً } أى شيئاً مرزوقاً، ورزقاً مفعول ثان، ومن للبيان، أى رزقا هو ثمرة لا بدل بعض، لأدائه، إلى حذف الرابط ولإفرادها، ولا يرزق من الثمرة، ولأدائه إلى استعمال النكرة فى الإثبات للعموم الشمولى مع وجود التخلص من ذلك، ولا بدل اشتمال، لأن الثمرة بعض الجنة، لا شىء غيرها ملابس لها، ولأدائه إلى استعمال النكرة فى الإثبات للشمول، ولو قيل به فى علمت نفس، والثمرة الإفراد أو الأنواع، وما مصدرية، وكل ظرف لإضافته للمصدر النائب عن الزمان، أى كل رزق منها، بفتح الراء على المعنى المصدرى، متعلق بقوله { قَالُوا } أى يقولون كل وقت رزق منها { هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ } فى الدنيا أوفى الآخرة، ولا يزالون يقوولون هذا الذى.

السابقالتالي
2 3 4