الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِيۤ ءَاذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ ءَايَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوكَ يُجَٰدِلُونَكَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ }

{ وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ } حين تقرأ، استمع إِليه أُمية ابن خلف وأَخوه أَبى، والوليد بن المغيرة والنضر بن الحارث وعتبة وشيبة ابنا ربيعة لعنهم الله، ومنهم أَبو سفيان بن حرب، إِلا أَنه أَسلم حين الفتح. اجتمعوا وقالوا للنضر، وكان أَعقلهم وأَقربهم للإِسلام، ومات كافرا: يا أَبا قتيلة، ما يقول محمد؟ فقال: ما أَدرى ما يقول، غير أَنى أَراه يحرك لسانه ويذكر أَساطير الأَولين، مثل ما كنت أَذكر لكم عن القرون الماضية، وكان النضر كثير الإِخبار عنها، فقال أَبو سفيان: أَرى بعض ما يقول حقا، فقال أَبو جهل: كلا، لا نقر بشيءٍ من هذا، للموت أَحب إِلينا من هذا، روعى لفظ من فأَفرد الضمير لأَن المستمعين المرادين هنا قليل، كما أَفرد فىومنهم من ينظر إِليك } [يونس: 43] لقلة الناظرين إِلى المعجزات، وروعى معناها فجمع فى قولهومنهم من يستمعون } [يونس: 42] لأَن المراد الكفار كلهم { وَجَعَلْنَا } صيرنا أَو أَلقينا { عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً } جمع كنان وهو ما يغطى الشئَ { أَنْ يَفْقَهُوهُ } متعلق بأَكنة لأَن المعنى، وجعلنا على قلوبهم مانعا عن أَن يفقهوه، أَى يفهموه، والهاء للقرآن المعلوم من قوله ليستمع { وَفِى آذانِهِمْ وَقْراً } معنى مانعا عن سماع القبول والتدبر تشبيها بثقل السمع حتى كأَنهم لم يسمعوا، والأَكنة والوقر عبارة عن الخذلان وهو ترك التوفيق، أَو عن أَن يحدث فى نفوسهم هيئة تمرنهم على استحباب الكفر والمعاصى واستقباح الإِيمان والطاعات لإِهمالهم عقولهم عن النظر، وذلك عقوبة لهم على اختيارهم الكفر وإهمال النظر، لكن هذا الاختيار مخلوق لله عز وجل، وليس ذلك الإِحداث وخلق الاختيار إِجباراً ولو كانا يتخيل أَنهما إِجبار لعجز عقولنا عن فهم ذلك، أَو نقوللا يسأَل عما يفعل } [الأنبياء: 23] ولا حجة للكفار إِذ يقرون بالاختيار ضرورة ولو أَنكروه تارة، وأَسند الجعل والطبع والختم إِلى الله باعتبار خلقه الاختيار وترك التوفيق، والعقاب على الاختيار، والمعتزلة منعوا إِسناد ذلك إِلى الله، وقالوا: تمكن التقليد وإِهمال النظر فى قلوبهم حتى صارا كالطبيعة المسند خلقها إِلى الله عز وجل، والحق إِسناد ذلك إِلى الله عزوجل بمعنى خلقه، ولا مانع، ويسأَلون عن ذلك التمكن، فإِن قالوا بالطبع المجرد فذلك شرك، وهم يقولون بخلقهم أَفعالهم، وضلوا بذلك مع أَن التمكن ليس فعلا لهم { وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ } علامة مما يتلى وغير مايتلى من المعجزات على وحدانية الله تعالى ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته، وقال ابن عباس: المراد آيات القرآن، وقيل: التكوينية كانشقاق القمر ونبع الماء من بين الأَصابع وتكثير الماء والطعام القليلين، وخصصها بعض بغير الملجئة لئلا يناقض قوله تعالى،

السابقالتالي
2