الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَٰكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَٱلْكَٰفِرُونَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ }

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَٰكُم } هذا أمر بالإنفاق لبعضٍ من المال. قيل هو أمر إيجاب وأنه أراد، بذلك، الإنفاق الواجب وهو الزكاة؛ لأنه تعالى عقبه بالوعيد بقوله { وَٱلْكَٰفِرُونَ } الخ، حيث عنى بهم مانعوها كما يأتي. وقال الأصمّ وأبو عليّ: أراد النفقة في الجهاد. وقال أبو مسلم وابن جريج: أراد الفرض والنفل. وهو المتَّجه. وقوله تعالى: { مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ } هو يوم القيامة { لاَّ بَيْعٌ فِيهِ } أي: فتحصلون ما تنفقونه. أو تفتدون به من العذاب { وَلاَ خُلَّةٌ } حتى يعينكم الأخلاء.ٱلأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ } [الزخرف: 67] { وَلاَ شَفَاعَةٌ } حتى تتكلوا على شفعاء:إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً } [طه: 109]. { وَٱلْكَٰفِرُونَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ } أراد والتاركون الزكاة هم الظالمون وإيثاره عليه للتغليظ والتهديد. كما في قوله تعالى في آخر آية الحجوَمَن كَفَرَ } [آل عمران: 97] مكان ومن لم يحج وللإيذان بأن ترك الزكاة من صفات الكفار. قال تعالى:وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ * ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ } [فصلت: 6-7]. ذكره الزمخشري.

ويحتمل أن يكون المعنى: والكافرون هم الظالمون لأنفسهم بوضع الأموال في غير مواضعها، فلا تكونوا أيها المؤمنون مثلهم في أن لا تنفقوا فتضعوا أموالكم في غير مواضعها. وفي هذه الآية دلالة على حسن المسارعة إلى الخيرات، قبل فواتها بهجوم ما يخشى معه الفوت، من موت أو غيره.