الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّيۤ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }

يقول تعالـى ذكره: فصدّق إبراهيـمَ خـلـيـلَ الله لوطٌ { وَقالَ إنّـي مُهاجِرٌ إلـى رَبِّـي } يقول: وقال إبراهيـم: إنـي مهاجر دار قومي إلـى ربـي إلـى الشام. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: { فآمَنَ لَهُ لُوطٌ } قال: صدّق لوط { وَقالَ إنّـي مُهاجِرٌ إلـى رَبِّـي } قال: هو إبراهيـم. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { فآمَنَ لَهُ لُوطٌ } أي فصدّقه لوط { وَقالَ إنِّـي مُهاجِرٌ إلـى رَبِّـي } قال: هاجَرا جميعا من كوثى، وهي من سواد الكوفة إلـى الشام. قال: وذُكر لنا أن نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " إنها سَتَكُونُ هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ، يَنْـحازُ أهْلُ الأرْضِ إلـى مُهاجَرِ إبْرَاهِيـمَ، وَيَبْقَـى فِـي الأرْضِ شِرَارُ أهْلِها، حتـى تَلْفِظَهُمْ وَتَقْذَرَهُمْ وتَـحْشُرَهُمُ النَّارُ مَعَ القِرَدَةِ والـخَنازِيرِ« " حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { فآمَنَ لَهُ لُوطٌ } قال: صدّقه لوط، صدق إبراهيـم قال: أرأيت الـمؤمنـين، ألـيس آمنوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به؟ قال: فـالإيـمان: التصديق. وفـي قوله: { إنّـي مُهاجِرٌ إلـى رَبِّـي } قال: كانت هِجْرته إلـى الشأم. وقال ابن زيد فـي حديث الذئب الذي كلـم الرجل، فأخبر به النبـيّ صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فآمَنْتُ لَهُ أنا وأبُو بَكْرٍ وعُمَر، ولَـيْسَ أبُو بَكْرٍ ولا عُمَرُ مَعَهُ " يعنـي آمنت له: صدّقته. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، فـي قوله { فآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إنِّـي مُهاجِرٌ إلـى رَبِّـي } قال: إلـى حَرَّان، ثم أُمر بعد بـالشأم الذي هاجر إبراهيـم، وهو أوّل من هاجَر يقول: { فآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ } إبْراهِيـمُ { إنّـي مُهاجِرٌ... } الآية. حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله { فآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إنّـي مُهاجِرٌ إلـى رَبّـي } إبراهيـم القائل: إنـي مهاجر إلـى ربـي. وقوله: { إنَّهُ هُوَ العَزِيزُ الـحَكِيـمُ } يقول: إن ربـي هو العزيز الذي لا يذِلّ من نَصَره، ولكنه يـمنعه مـمن أراده بسوء، وإلـيه هجرته، الـحكيـم فـي تدبـيره خـلقه، وتصريفه إياهم فـيـما صرفهم فـيه.