الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ }

قوله تعالى:

{ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ }

8011/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا الحسين بن الحسن، قال: حدثني أبي، عن حنان بن سدير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن العرش و الكرسي، فقال: " إن للعرش صفات كثيرة مختلفة، له في كل سبب وضع في القرآن صفة على حدة، فقوله: { رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ } يقول: الملك العظيم، و قوله:#1649;لرَّحْمَـٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ } [طه: 20] يقول: على الملك احتوى، و هذا ملك الكيفوفية في الأشياء.

ثم العرش في الوصل منفرد عن الكرسي، لأنهما بابان من أكبر أبواب الغيوب، و هما جميعا غيبان، و هما في الغيب مقرونان، لأن الكرسي هو الباب الظاهر من الغيب الذي منه مطلع البدع و منه الأشياء كلها، و العرش هو الباب الباطن الذي يوجد فيه علم الكيف، و الكون، و القدر، و الحد و الأين، و المشيئة، و صفة الإرادة، و علم الألفاظ و الحركات و الترك، و علم العود و البداء ، فهما في العلم بابان مقرونان، لأن ملك العرش سوى ملك الكرسي، و علمه أغيب من علم الكرسي، فمن ذلك قال: { رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ } أي صفته أعظم من صفة الكرسي، و هما في ذلك مقرونان ".

قلت: جعلت فداك، فلم صار في الفضل جار الكرسي؟ قال: " إنه صار جاره، لأن فيه علم الكيفوفية، و فيه الظاهر من أبواب البداء، و أينيتها، و حد رتقها و فتقها. فهذا جاران، أحدهما حمل صاحبه في الصرف ، و بمثل صرف العلماء يستدلون على صدق دعواهما، لأنه يختص برحمته من يشاء، و هو القوي العزيز.

فمن اختلاف صفات العرش، أنه قال تبارك و تعالى:رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ } [الزخرف: 82] و هو وصف عرش الوحدانية، لأن قوما أشركوا كما قلت لك: قال تبارك و تعالى:رَبِّ ٱلْعَرْشِ } [الزخرف: 82] رب الوحدانية عما يصفون. و قوما و صفوه بيدين، فقالوا:يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ } [المائدة: 64] و قوما وصفوه بالرجلين، فقالوا: وضع رجله على صخرة بيت المقدس، فمنها ارتقى إلى السماء. و قوما وصفوه بالأنامل، فقالوا: إن محمدا (صلى الله عليه و آله) قال: إني وجدت برد أنامله على قلبي، فلمثل هذه الصفات، قال:رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ } [الزخرف: 82] يقول: رب المثل الأعلى عما به مثلوه، و لله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شيء، و لا يوصف، و لا يتوهم، فذلك المثل الأعلى.

و وصف الذين لم يؤتوا من الله فوائد العلم، فوصفوا ربهم بأدنى الأمثال، و شبهوه لمشابهة منهم فيما جهلوا به، فلذلك قال:

السابقالتالي
2