الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ سَيَعْلَمُونَ غَداً مَّنِ ٱلْكَذَّابُ ٱلأَشِرُ }

مقول قول محذوف دل عليه السياق تقديره قلنا لنذيرهم الذي دل عليه قولهكذبت ثمود بالنذر } القمر 23 فإن النذر تقتضي نذيراً بها وهو المناسب لقوله بعدهفارتقبهم واصطبر } القمر 27 وذلك مبني على أن قوله آنفاًفقالوا أبشراً منا واحداً نتبعه } القمر 25 كلام أجابوا به نِذارة صالح إيّاهم المقدرة من قوله تعالىكذبت ثمود بالنذر } القمر 23، وبذلك انتظم الكلام أتم انتظام. وقرأ الجمهور { سيعلمون } بياء الغيبة. وقرأ ابن عامر وحمزة { ستعلمون } بتاء الخطاب وهي تحتمل أن يكون هذا حكاية كلام من الله لصالح على تقدير قلنا له قل لهم، ففيه حذف قول. ويحتمل أن يكون خطاباً من الله لهم بتقدير قلنا لهم ستعلمون. ويحتمل أن يكون خطاباً للمشركين على جعل الجملة معترضة. والمراد من قوله { غداً } الزمن المستقبل القريب كقولهم في المثل إن مع اليوم غداً، أي إن مع الزمن الحاضر زمناً مستقبلاً. يقال في تسلية النفس من ظلم ظالم ونحوه، وقال الطِرِمَّاح
وقبْلَ غدٍ يَا ويحَ قلبيَ من غد إذا راح أصحابي ولستُ برائح   
يريد يوم موته. والمراد به في الآية يوم نزول عذابهم المستقرب. وتبيينه في قولهإنا مرسلوا الناقة فتنة لهم } القمر 27 الخ، أي حين يرون المعجزة وتلوح لهم بوارق العذاب يعلمون أنهم الكذّابون الأشرون لا صالح. وعلى الوجه الثاني في ضمير { سيعلمون } يكون الغد مراداً به يوم انتصار المسلمين في بدر ويوم فتح مكة، أي سيعلمون من الكذاب المماثل للكذاب في قصة ثمود.