قوله تعالى: { هل أتاكَ حديثُ ضَيْفِ إبراهيمَ المُكْرَمِينَ } «هل» بمعنى: «قد» في قول ابن عباس، ومقاتل، فيكون المعنى: قد أتاك فاستمع نَقْصُصْهُ عليك، وضَيفُه: هم الذين جاؤوا بالبشرى. وقد ذكرنا عددهم في [هود:70] وذكرنا هناك معنى الضَّيف. وفي معنى: «المُكْرَمِينَ» أربعة أقوال. أحدهما: لأنه أكرمهم بالعِجْل، قاله أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال مجاهد. والثاني: بأن خدمهم هو وامرأته بأنفُسهما، قاله السدي. والثالث: أنهم مُكْرَمون عند الله، قاله عبد العزيز بن يحيى. والرابع: لأنهم أضياف، والأضياف مُكْرَمون، قاله أبو بكر الورَّاق. قوله تعالى: { فقالوا سلاماً } قد ذكرناه في [هود:70]. قوله تعالى: { قومٌ مُنْكَرونَ } قال الزجاج: ارتفع على معنى: أنتم قومٌ مُنْكَرونَ. وللمفسرين في سبب إنكارهم أربعة أقوال. أحدها: لأنه لم يعرفهم، قاله ابن عباس. والثاني: لأنهم سلَّموا عليه، فأنكر سلامهم، في ذلك الزمان وفي تلك الأرض، قاله أبو العالية. والثالث: لأنهم دخلوا [عليه] من غير استئذان. والرابع: لأنه رأى فيهم صورة البشر وصورة الملائكة. قوله تعالى: { فراغَ إلى أهله } قال ابن قتيبة: أي: عَدَل إليهم في خُفْية، ولا يكون الرَّواغُ إلاَّ أن تُخْفِيَ ذهابَك ومَجيئك. قوله تعالى: { فجاء بِعِجْلٍ سمينٍ } وكان مشويّاً { فقرَّبه إليهم } قال الزجاج: والمعنى: فقرَّبه إليهم ليأكلوا منه، فلم يأكلوا، فقال: { ألا تأكلونَ }؟! على النَّكير، أي: أمرُكم في ترك الأكل ممّا أُنْكِرُه. قوله تعالى: { فأوجس منهم خِيفةً } قد شرحناه في [هود: 70]، وذكرنا معنى «غلامٍ عليمٍ» في [الحجر: 54]. { فأقبلَت امرأتُه } وهي: سارة. قال الفراء وابن قتيبة: لم تُقْبِل مِن مَوضع إلى مَوضع، وإنما هو كقولك: أقبلَ يَشتُمني، وأقبل يَصيح ويتكلَّم، أي: أخذ في ذلك، والصَّرَّة: الصَّيحة. وقال أبو عبيدة: الصَّرَّة: شِدة الصَّوت. وفيما قالت في صَيحتها قولان. أحدهما: أنها تأوَّهتْ، قال قتادة. والثاني: أنها قالت: يا ويلتا، ذكره الفراء. قوله تعالى: { فصَكَّت وَجْهَها } فيه قولان. أحدهما: لطمتْ وجهها، قاله ابن عباس. والثاني: ضربتْ جبينها تعجُّباً، قاله مجاهد. ومعنى الصَّكِّ: ضَرْبُ الشيء بالشيء العريض. { وقالت عجوزٌ } قال الفراء: هذا مرفوع بإضمار «أتَلِدُ عجوزٌ». وقال الزجاج: المعنى: أنا عجوز عقيمٌ، فكيف ألِدُ؟! وقد ذكرنا معنى { العقيم } في [هود: 72]. { قالوا كذلكِ قال ربُّكِ } أنك ستَلِدين غُلاماً؛ والمعنى: إنما نُخبرك عن الله عز وجل وهو حكيم عليم يَقْدِر أن يَجعل العقيم وَلُوداً، فعَلِم [حينئذ] إبراهيمُ أنهم ملائكة. { قال فما خَطْبُكم } مفسر في [الحجر: 57]. قوله تعالى: { حجارةً من طِينٍ } قال ابن عباس: هو الآجُرُّ. قوله تعالى: { مُسوَّمةً عند ربِّك } قد شرحناه في [هود: 83]. قوله تعالى: { للمُسرِفين } قال ابن عباس: للمشركين. قوله تعالى: { فأخرَجْنا مَن كان فيها } ، أي: من قُرى لوط { مِن المؤمنين } وذلك قوله تعالى:{ فأسْرِ بأهلك... } الآية: [هود: 82]. { فما وَجَدْنَا فيها غيرَ بَيْتٍ من المُسلمين } وهو لوط وابنتاه، وصَفهم اللهُ عز وجل بالإيمان والإسلام، لأنه ما من مؤمِن إلا وهو مُسْلِم. { وتَرَكْنا فيها آيةً } أي: علامة للخائفين من عذاب الله تَدُلُّهم على أن الله أهلكهم. وقد شرحنا هذا في [العنكبوت: 35] وبيَّنَّا الَمكني عنها.