قوله: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ } فكان أول كتاب نزل فيه الحلال والحرام كتاب موسى. قال: { فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ } أي من ذريتهما { وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ } أي: من ذريتهما { فَاسِقُونَ } أي: مشركون ومنافقون. قال تعالى: { ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا } أي: جعلنا الرسل تبعاً يقفو بعضُها بعضاً، أي: بعضها على أثر بعض كالذي يقفو صاحبه { وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ } من بعدهم { وَآتَيْنَاهُ الإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً } أي: يرأف بعضهم ببعض، ويرحم بعضهم بعضاً، كقوله عز وجل:{ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى الكُفَّارِِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ } [الفتح:29]. ثم استأنف الكلام فقال: { وَرَهْبَانِيَةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ } أي: ما فرضناها عليهم، أي: إنما ابتدعوها { إِلاَّ ابْتِغَآءَ رِضُوَانِ اللهِ } ليتقرَّبُوا بها إلى الله. قال الحسن: ففرضها الله عليهم حين ابتدعوها. قال: { فَمَا رَعَوْهَا } يعني الرهبانية { حَقَّ رِعَايَتِهَا } ولا ما فرضنا عليهم، أي: ما أدوا ذلك إلى الله. { فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ } قال: { وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } أي: مشركون ومنافقون. وهو فسق دون فسق، وفسق فوق فسق. ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لكل أمة رهباينة ورهبانية أمتي الجهاد ".