الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ٱبْتِغَآءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً }

نزلت في مهجع، وبلال، وصهيب، وسالم، وخبَّاب، وكانوا يسألون النبيَّ صلى الله عليه وسلم في الأحايين ما يحتاجون إليه، ولا يجد، فيعرض عنهم حياء منهم، ويمسك ن القول، فنزلت: { وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ } أي: وإن أعرضت عنهم عن هؤلاء الذين أمرتك أن تؤتيهم { ٱبْتِغَآءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا } انتظار رزق من الله ترجوه، أي: يأتيك { فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً } ليِّناً، وهو العدةُ، أي: عدهم وعداً جميلاً.

قوله تعالى: { ٱبْتِغَآءَ رَحْمَةٍ }: يجوز أن يكون مفعولاً من أجله، ناصبه " تُعرضنَّ " وهو من وضع المسبَّب موضع السبب، وذلك أنَّ الأصل: وإمَّا تعرضنَّ عنهم لإعسارك، وجعله الزمخشريُّ منصوباً بجواب الشرط، أي: فقل لهم قولاً سهلاً؛ ابتغاء رحمة، وردَّ عليه أبو حيَّان: بأنَّ ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها؛ نحو: " إن يقُم زيدٌ عمراً فاضْرِبْ " فإن حذفت الفاء جاز عند سيبويه والكسائيِّ؛ نحو: " إنْ يقُمْ زيدٌ عمراً يَضْرِبْ " فإن كان الاسمُ مرفوعاً؛ نحو " إنْ تَقُمْ زيدٌ يَقُمْ " جاز ذلك عند سيبويه على أنَّه مرفوع بفعلٍ مقدَّرٍ يفسِّره الظاهر بعده، أي: إن تقم، يَقُم زيدٌ يَقُمْ. ومنع من ذلك الفراء وشيخه.

وفي الردِّ نظر؛ لأنَّه قد ثبت ذلك؛ لقوله تعالى:فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ } [الضحى: 9] الآية؛ لأنَّ " اليتيمَ " وما بعده منصوبان بما بعد فاءِ الجوابِ.

وقيل: إنه في موضع الحالِ من فاعل " تُعرِضنَّ ".

قوله تعالى: { مِّن رَّبِّكُمْ } يجوز أن يكون صفة لـ " رحمةٍ " ، وأن يكون متعلقاً بـ " تَرْجُوها " أي: ترجُوها من جهة ربِّك، على المجاز.

وقوله: " تَرجُوهَا " يجوز أن يكون حالاً من فاعل " تُعرِضنَّ " ، وأن يكون صفة لـ " رَحمةٍ ".