الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ ٱللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ }

{ الذين آمنوا } بدل ممن اناب او خبر مبتدأ محذوف اى هم الذين آمنوا { وتطمئن قلوبهم } وآرام مى يابددلهاى ايشان { بذكر الله } اذا سمعوا ذكره الله احبوه واستأنسوا به ودل فى الذكر القرآن فالمؤمنون يستأنسون بالقرآن وذكر الله الذى هو الاسم الاعظم ويحبون استماعها والكفار يفرحون بالدنيا ويستبشرون بذكر غير الله كما قال تعالىواذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة واذا ذكر الذين من دونه اذا هم يستبشرون } { ألا } بدانيدكه { بذكر الله تطمئن القلوب } قلوب المؤمنين ويستقر اليقين فيها فقلوب العوام تطمئن بالتسبيح والثناء وقلوب الخواص بحقائق الاسماء الحسنى وقلوب الاخص بمشاهدة الله تعالى. وفى التأويلات النجميةويقول الذين كفروا } اى ستروا الحق بالباطللولا انزل عليه } على من يدعو الخلق الى الحقآية من ربه } ظاهرة من المعجزات والكرامات كما نزل على بعضهم ليستدلوا بها على صدق دعواهمقل ان الله يضل من يشاء } ان يضله فى الازل بعين الآية ليراها سحرا ويحسبها باطلا ويرشد الى حضرة جلالة من يرجع اليه طالبا مشتاقا الى جماله. وفيه اشارة الى ان الطالب الصادق فى الطلب هو من اهل الهداية فى الهداية وليس ممن يشاء الله ضلالته فى الازل وهم الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله لا بذكر غيره يعنى اهل الهداية هم الذين آمنوا. واعلم ان القلوب اربعة. قلب قاس وهو قلب الكفار والمنافقين فاطمئنانه بالدنيا وشهواتها كقوله تعالىرضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها } وقلب ناس وهو قلب المسلم المذنب كقوله تعالىفنسى ولم نجد له عزما } فاطمئنانه بذكر الله كقوله تعالىالذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله } وقلب وحدانى وهو قلب الانبياء وخواص الاولياء فاطمئنانه بالله وصفاته كقوله تعالى لخليله عليه السلام فى جواب قولهكيف تحيى الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبى } باراءتك اياى كيفية احياء الموتى اذا تتجلى لقلبى بصفة محييك فاكون بك محيى الموتى ولهذا اذا تجلى الله لقلب العبد يطمئن به فينعكس نور الاطمئنان من مرآة قلبه الى نفسه فتصير النفس مطمئنة به ايضا فتستحق لجذبات العناية وهى خطاب ارجعى الى ربك فافهم جدا انتهى. قال فى نفائس المجالس الذكر صيقل القلوب وسبب سرور المحبوب فمن ذكر الله فالله يذكره كما قال تعالىفاذكرونى اذكركم } فالمحجوبون تطمئن قلوبهم بذكرهم له تعالى واما الواصلون فاطمئنان قلوبهم بذكره تعالى " - روى - ان النبى عليه السلام بعث بعثا قبل نجد فغنموا ورجعوا فقال ما رأينا بعثا افضل غنيمة واسرع رجعة من هذا البعث فقال عليه السلام " الا ادلكم على قوم افضل غنيمة واسرع رجعة قوم شهدوا صلاة الصبح ثم جلسوا يذكرون الله حتى طلعت الشمس " قال ابوسعيد " خرج رسول الله يوما على حلقة من اصحابه فقال " ما اجلسكم " فقالوا جلسنا نذكره الله ونحمده على ما هدانا للاسلام قال " آلله ما اجلسكم الا ذلك " قوله آلله بالجر والمد على القسم اى بالله ما اجلسكم قالوا بالله ما اجلسنا الا ذاك. قال " اما انى لم استحلفكم تهمة ولكن اتانى جبرائيل فاخبرنى ان الله يباهى بكم الملائكة "

السابقالتالي
2