الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً }

{ ومالَهُم به } بالله جلَّ وعلا، لا علم لهم علما حقيقيا، ولو كانوا يذكرون الله عز وجل، ولذلك وصفوه بالولادة أو الهاء عائد الى التسمية، وذكر لأن التسمية قول أو للتأويل بالمذكورة، أى لا علم لهم بأن الملائكة اناث، والجملة حال من واو يسمون، ويدل على رجوع الهاء الى تسمية قراءة أبى: وما لهم بها، إلا أنها تحتمل الرجوع الى الملائكة، أى ما لهم علم بحقيقة الملائكة وشأنها، والباء متعلق بقوله: { مِن عِلمٍ } ولو كان مصدراً، لأن المقام ليس على معنى حرف المصدر، والفعل وللتوسع فى الظروف، وعلم مبتدأ خبره لهم، أو فاعل لهم، ومن صلة لتأكيد العموم، وللنص به.

{ إنْ يتَّبعُون إلاَّ الظنَّ } التوهم الباطل، ولو كان عندهم راجحا أو مجزوما به { وإنَّ الظنَّ } جنس الظن فيدخل ظنهم بالأولى، وليس المراد ظنهم المذكور، ولذلك أظهر، أو ليكون الكلام كالمثل العجيب { لا يُغْنى مِن الحقِّ شيْئاً } لا يدفع شيئا من الحق، أو لا يغنى أحدا اغناء ما عن الحق، والحق فى الاعتقادات يلزم فيه الجزم الذى لا يقبل التشكيك، أو مع دليل أيضا، وإنما يكفى الظن فى العمليات، وأقوال العلماء فى الفروع ظنيات، ويجوز تقليد غير المجتهد فيها، ويجوز للمجتهدين حكايتها لمن يعمل بها، وان ضاق الوقت على المجتهد جاز له العمل بقول مجتهد، ويكفى فى الاعتقادات الجزم الذى لا يقبل الشك ولو بدليل على التحقيق، وإلا كان أكثر أهل التوحيد مشركين، وكان صلى الله عليه وسلم يكتفى من الناس بالظاهر ويقول: " عليكم بتوحيد الاعراب " ولا يقرب أن نظن أن الصحابة كلهم أدركوا بالأدلة، بل نظن أن أكثرهم اكتفوا بالجزم الذى لا يقبل التشكيك، ثم السنوسى ختم البحث بمثل ما قلت، ولو كان من يأخذ من لسانه صلى الله عليه وسلم أقوى وسنوسة قبيلة عند طرابلس المغرب الأدنى.

وأما قول عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله: احذورا هذا الرأى عن الدين، فانه منَّا ظن وتكلف بخلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فان الله يريه، فانما ارادوا به التخويف عن الخطأ، بدليل أنهما قد استعملا رأيهما فى مسائل باجتهاد، وليس التحذير منه ابطالا للعمل به، وقيل: الحق فى الآية الله عز وجل.