الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ }

{ يَسْأَلُهُ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } ، من ملك وإنس وجن. وقال قتادة: لا يستغني عنه أهل السماء والأرض. قال ابن عباس: فأهل السموات يسألونه المغفرة، وأهل الأرض يسألونه الرحمة والرزق والتوبة والمغفرة. وقال مقاتل: يسأله أهل الأرض الرزق والمغفرة، وتسأله الملائكة أيضاً لهم الرزق والمغفرة. { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِى شَأْنٍ } ، قال مقاتل: نزلت في اليهود حين قالوا إن الله لا يقضي يوم السبت شيئاً. قال المفسرون: من شأنه أن يحيي ويميت، ويرزق، ويعزّ قوماً، ويذلّ قوماً، ويشفي مريضاً، ويفك عانياً ويفرج مكروباً، ويجيب داعياً، ويعطي سائلاً، ويغفر ذنباً إلى ما لا يحصى من أفعاله وإحداثه في خلقه ما يشاء. أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي، أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبدوس المزكي - إملاءً - أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى البزاز، أخبرنا يحيى بن الربيع المكي، أخبرنا سفيان بن عيينة، أخبرنا أبو حمزة الثمالي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إن ممّا خلق الله عزّ وجلّ لوحاً من درة بيضاء، دفتاه ياقوتة حمراء قلمه نور وكتابهُ نور، ينظر الله عزّ وجلّ فيه كل يوم ثلاث مائة وستين نظرة، يخلق ويرزق ويحيي ويميت ويعزّ ويذلّ ويفعل ما يشاء، فذلك قوله: { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِى شَأْنٍ }. قال سفيان بن عيينة: الدهر كله عند الله يومان أحدهما مدة أيام الدنيا والآخرُ يوم القيامة، فالشأن الذي هو فيه اليوم الذي هو مدة الدنيا: الإِخبار بالأمر والنهي، والإِحياء والإِماتة، والإِعطاء والمنع، وشأن يوم القيامة: الجزاء والحساب، والثواب والعقاب. وقيل: شأنه جلّ ذكره أنه يخرج في كل يوم وليلة ثلاثة عساكر، عسكراً من أصلاب الآباء إلى أرحام الأمهات، وعسكراً من الأرحام إلى الدنيا، وعسكراً من الدنيا إلى القبور، ثم يرتحلون جميعاً إلى الله عز وجل. قال الحسين بن الفضل: هو سَوْق المقادير إلى المواقيت. وقال أبو سليمان الداراني في هذه الآية: كل يوم له إلى العبيد برّ جديد.