الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير صدر المتألهين/ صدر المتألهين الشيرازي (ت 1059 هـ) مصنف و مدقق


{ لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّن فَضْلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ }

" لا " في " لئلاّ يعلم " زائدة. و " أن " في " أن لا يقدرون " مخففة من الثقيلة، واسمها محذوف وهو الشأن، أو ضمير راجع إلى أهل الكتاب أي: لأن يعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون على شيء مما ذكر من فضل الله من الكِفلين والنور والمغفرة، ولا يتمكنون من نيل شيء منه، لأن جميعه مشروط بالاعتقاد الصحيح في حق الله ورسوله، وهم لم يؤمنوا برسول الله، فلا ينفعهم إيمانهم بغيره من الأنبياء بعدما فرقوا بين رسل الله، وليعلموا أن الفضل بيد الله وقدرته، ويؤتيه من يشاء بمشيّته السابقة، وارادته الأزلية المنبعثة عن علمه باختلاف القوابل وتفنن الماهيات - والله ذو الفضل العظيم -، بإفاضة نور الوجود على هياكل الممكنات.

وقيل: إن المراد بفضل الله ها هنا النبوة، أي: لا يقدرون على نبوة الأنبياء، ولا على صرفها عمن يشاء الله أن يخصّه بها، فيصرفوها عن محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى من يحبونه، بل النبوة كسائر الفضائل الموهبية بيد الله، لا مدخل لتعمّل الناس في استجلابها، يعطيها من يشاء ممن هو أهلها ومستحقها.

وقيل: " لا " ها هنا في حكم الثبات، والمعنى: لأن لا يعتقد أهل الكتاب أن النبي والمؤمنين به لا يقدرون على شيء من فضل الله ولا ينالونه، فعلى هذا يكون الضمير في " يقدرون " للنبي والمؤمنين، ويكون " أن الفضل " عطفاً على " أن لا يعلم ". أو لأن لا يعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون أن يؤمنوا، ويكون المراد: لكي يعلموا أنهم يقدرون على الإيمان وطلب الفضل والثواب.

وقرأ الحسن: " لَيْلا يعلم " - بفتح اللام وسكون الياء -، وروي بكسر اللام أيضاً - وتوجيهه على ما قيل، بأن حذفت الهمزة من " لان " لثقلها حتى صار " لن " ، ثم أدغمت " النون " في " اللام " للمجانسة بينهما، فصار " لِّلا " - بالكسر - ثم أبدلت اللام الثانية المدغمة في الثالثة " ياء " ، كإبدالهم الواو المدغمة وغير المدغمة ياء في " ديوان " و " قيراط " ، فإن الانتقال من المضاعف إلى المعتلّ متعارف عند أهل اللسان.

وأما الفتح - كما في قراءة الحسن: فعلى أن أصل لام الجر هو الفتح، وقرئ: " لكي يعلم " ، و " لكيلا يعلم " ، و " ليعلم " ، و " لأن يّعلم " - بادغام النون في الياء، " ولين يّعلم " بقلب الهمزة ياء، وإدغام النون في الياء، كما ذكر في الكشاف.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد