الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي ٱلإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَٱسْتَغْلَظَ فَٱسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلْكُفَّارَ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }

{ مُحمدٌ } مبتدأ { رسولُ الله } نعت او بدل { والَّذين مَعَه } معطوف على محمد، والخبر هو قوله تعالى: { أشدَّاءُ } غلاظ بالقلوب والبغض والمجانبة { على الكفَّار } المشركين { رُحماءُ } خبر ثان { بيْنَهم } بالحب والتودد والنفع، أو محمد رسول الله مبتدأ وخبر جملة مستأنفة لشهادة الله عز وجل له بالرسالة، ولتحقق ما وعده، لأن رسول الله لا يقول إلا صدقا، أو خبر لمحذوف، ورسول الله نعت أو بدل أى هو محمد، أى الذى أرسله الله بالمهدى محمد، فالذين مبتدأ أخباره ما بعد، والذين معه المؤمنون مطلقا من شأنهم أن يتصفوا بالشدة على الكفَّار، والرحمة فيما بينهم، أو هم الصحابة وعليه الجمهور، وقيل اصحاب الحديبية، وعليه ابن عباس، وحاصل ذلك أنهم أشداء فى الدين علىالأعداء، رحماء على الأولياء، كما قال الله عز عز وجل:أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين } [المائدة: 54].

ومن ذلك تحرز المؤمنون أن تتصل ثياب المشركين بثيابهم، وأبدانهم بأبدانهم، وأن لا يرى مؤمن مؤمنا الا صافحه وعانقه، كما روى عن الحسن، قال صلى الله عليه وسلم: " إذا التقى المسلمان فتصافحا وحمدا الله واستغفراه غفر لهما " رواه أبو داود عن البراء، وروى الترمذى مرفوعاً: " ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلاَّ غفر لهما قبل أن يفترقا " وذلك على إطلاقه، ولو مع جنابة، وكذا النساء فيما بينهن ولو فى حيض أو جنابة أو نفاس، أو مع محرم على وجه يجوز، وبلا خوف فتنة، وكره أبو حنيفة المعانقة والتقبيل فى الوجه أو اليد أو غيرهما، وأجاز أبو يوسف المعانقة، وكل ذلك جائز فى المذهب، وأجيز تقبيل يد المعظم فى الدين.

وروى الترمذى عن أنس أن رجلا قال: " يا رسول الله أينحنى الرجل لآخر يلقاه؟ قال: " لا " قال: أيلتزمه ويقبله؟ قال: " لا " قال أيصافح يده بيده؟ قال: " نعم " " وزاد رزين فى روايته عن أنس بعد قوله: ويقبله، إلا أن يأتى من سفره.

وكذا قدم زيد بن خالد بن حارثة المدينة، وقرع الباب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بيت عائشة، فقام اليه يجر ثوبه فاعتنقه وقبله، قال أبو ذر: ما لقيته صلى الله عليه وسلم الا صافحنى، وأرسل الى يوما فأتيته على سريره فالتزمنى، وحرمت معانقة الأمرد، قال صلى الله عليه وسلم: " من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا " رواه أبو داود عن عبد الله بن عمر، ولا بأس أن يحسن الى مشرك ليتوصل الى أمر دينى.

{ تراهُم } بعينك أو تعلمهم { ركَّعاً سُجَّداً } خبر آخر لمحمد، أو للذين على ما مرّ أو مستأنف، والخطاب لعموم من يصلح له على البدلية، واذا جلعناه خبرا لمحمد صح أن يعلم نفسه، وأن يرى باقى جسده بعينه بعد العينين، وما لا يراه، والركوع والسجود عبارة عن كل الصلاة، لأنهما الجزءان اللذان تمتاز بهما، والمراد بالاستمرار الذى دل عليه المضارع كثرة الصلاة لا عدم الفترة، فهو استمرار عرفى.

السابقالتالي
2 3 4 5 6